وتارة يقولون : لِمَ لم ينزل علينا كتاباً نقرأُه؟
وأُخرى يقولون : لن نؤمن ما لَمْ نرَ اللهَ والملائكة جهرة.
وتارة اخرى يقولون : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنّة من نخيل وعنب وتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ، كما في سورة (الإسراء) في الآيات ٩٠ ، ٩٣.
كما أنّ هناك أمثلة ونماذج اخرى ذكرت في القرآن الكريم.
في الحقيقة أنّ ذوي العلم يكتفون بدليل منطقي واحد ، وإذا تعددت الأدلة عندهم ازدادوا رسوخاً وإيماناً.
لكن المتعصبين والجاهلين المعاندين غير مستعدين للتخلي عن عقائدهم وخرافاتهم ، فيتمسكون كل يوم بحجّة في سبيل الهرب من الحقيقة ، وإذا ما دُحِضَتْ حجتهم تركوها وتمسكوا بحجة اخرى ، ذلك لأنّ هدفهم ليس طلب الحقيقة بل التملص منها (١).
٣٥ ـ الجهل هو سبب التقليد الأعمى
(إِذْ قَالَ لِابيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ الَّتمَاثِيلُ الَّتِى انْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ* قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنا لَهَا عَابِديِنَ* قَالَ لَقَدْ كُنْتُم انْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِى ضَلَالٍ مُّبينٍ). (الأنبياء / ٥٢ ـ ٥٤)
إنَّ كلمة «التماثيل» جمع «التمثال» والتي تعني الموجود الذي له وجه ، وتطلق على التماثيل المنحوتة والرسوم.
وكلمة «عاكفون» مشتقة من مادة «عكوف» وتعني التوجه المستمر نحو شيءٍ والمتزامن مع التعظيم ، واصطلاح «اعتكاف» يطلق على العبادة الخاصة المعروفة التي تقام في المسجد وهي مشتقة من نفس المادة.
نعم ، إنَّ عبدة الأصنام لم يكن لهم دليل منطقيٌّ على عملهم القبيح هذا ، وغالباً ما كانوا
__________________
(١). يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «الجاهل صغير وإن كان شيخاً كبيراً والعالم كبير وإن كان حدثاً». (بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٨٣).