٣٨ ـ سوء الأدب ينشأ عن الجهل
(انَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَايَعْقِلُونَ). (الحجرات / ٤)
كان البعض يضايق الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله حيث كانوا يقفون عند باب بيته منادين بصوت عالٍ : «يا محمد!» «يا محمد! اخرج إلينا» فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يتأذى من اسلوبهم هذا ، ولكنّه كان يكظم غيظه وذلك لما كان يتصف به من خُلُقٍ عظيم ، إلى أن نزلت هذه الآية ، فعلمتهم أدب الحديث مع الرسول ومحاطبتِهِ (في سورة الحجرات).
والتعبير ب (أكثرهم لا يعقلون) إشارة جميلة إلى أنّ سوء الأدب غالباً ما ينشأ عن الجهل فكلما فُقِد العلم حل سوء الأدب مكانه ، وكلما تواجد العلم تواجد الأدب معه.
(وَاذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ انَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ انْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ انْ اكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ). (البقرة / ٦٧)
إنَّ الآية تتعلق بقضية قتلٍ حدثت في بني اسرائيل كادت أن تجر إلى معارك كبيرة بين قبائل بني اسرائيل لجهلهم بالقاتل : فأمر الله أن يذبحوا بقرة ويضربوا بقسمٍ منها المقتول كي ينطق ويُعرفهم قاتله.
وبما أنّ هذه القضية كانت معجزة ومدهشة للغاية بالنسبة لبني اسرائيل ، فقد قالوا لموسى ابتداءً : أتتخذنا هزواً؟
فأجاب موسى عليهالسلام : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين أي أنّ الاستهزاء من معالم الجهل ودليل على العجب والتكبر والغرور ، فإنّ الذين يتمتعون بهذه الصفات يتخذون الآخرين هزواً كي يحقّروهم ، ونعلم أن التكبر والعجب ينشآن عن الجهل حتى أن كثيراً من الجاهلين يستهزئون بالعلماء (١).
٣٩ ـ الجهل سبب الندم والمشاكل الاجتماعية
(يَا ايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ان جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَاٍ فَتَبَيَّنُوا انْ تُصِيْبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى
__________________
(١). يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم». (بحار الأنوار ، ج ٧٨ ، ص ٨١).