مَا فَعَلْتُمْ نَادِمينَ). (الحجرات / ٦)
إنَّ هذه الآية تمثل قاعدة أساسية تأمر المسلمين بأنْ يتبيّنوا ويتأكّدوا من كون الرواة ناقلي الأخبار من الثقات ويحققوا في الخبر الذي وصلهم من فاسق أو شخص لا يُعتمد عليه فلا يستعجلوا باتخاذ الإجراءات على ضوء ما نُقِلَ لهم من خبر ، لأنّه قد يوجب لهم كثيراً من الندم والمشاكل والمصائب الاجتماعية.
فمن البديهي أنَّ الجاهلَ لا يُمكنه أنْ يتّخذ موقفاً صحيحاً تجاه مختلف القضايا ، وعدم معرفته هذه تؤدّي به إلى كثير من المآسي والمشاكل الاجتماعية والتي نهايتها النّدم.
٤٠ ـ الجهلُ وتبدّل القيم
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى انْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى انْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُو شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمْ وَانْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ). (البقرة / ٢١٦)
إنَّ نشاطات الإنسان وفعالياته تنسجم دائماً مع القيم التي يعتقد بها ، ومعرفة هذه القيم لها دور أساسي في تبلور وتوجيه نشاطات الإنسان وفعالياته.
فالجهلُ وعدم المعرفة قد يؤدي به إلى الوقوع في الخطأ عند التمييز بين (القيم) وبين (أضدادها) ، أي أنْ يشخص ما هي القيم التي تكون سبباً في التقدّم والخير والبركة ، ويفرق بينها وبين ما هو عامل الشرّ والشقاء والانحطاط.
إنّ الآية السابقة تقول : إنّ للجهاد في سبيل الله قيمة ـ فهو سبب للعزة وصيانة ماء الوجه والفخر والموفقية ـ ، لكنكم تكرهونه لجهلكم وعدم معرفتكم بآثاره ، وتعتبرون القعود وترك الجهاد قيمةً وعاملاً للسلامة والسعادة ، لكنه عامل وسبب لشقائكم.
وعلى هذا ، فالجهل هو سبب الخطأ في تمييز القيم ، وهو عامل اتخاذ المواقف غير الصحيحة وغير المدروسة تجاه القضايا المختلفة والحوادث المتنوعة التي تحدث في الحياة اليرمية وعامل للافراط والتفريط (١).
__________________
(١). يقول الإمام علي عليهالسلام : «لا ترى الجاهل إلَّا مفْرِطاً أو مُفَرِّطاً». (نهج البلاغة الكلمات القصار ، الكلمة ٧٠).