والمعرفة وأرضياتها ومصادرها ، وبالقياس إلى آيات الأحكام والتي تقدر بخمسمائة آية ، نستطيع أن نستنتج أن القرآن أولى أهميّة كبرى للعلم والمعرفة فاقت الأهميّة التي أَوْلاها للأحكام الشرعية.
* *
توضيحات
١ ـ إمكانية المعرفة من وجهة نظر فلسفية
إنَّ وجود عالم خارج الذهن أمر مسلم وبديهى لايحتاج إلى برهان ، ويعترف بهذا عملياً حتى السوفسطائيون أو المثاليون الذين ينكرون وجود الأعيان الخارجية.
لكن البحث ينصب في هل من سبيل إلى معرفة هذه الواقعيات؟
وإذا كان الجواب بالايجاب فما هي سُبُل المعرفة ووسائلها؟
ما هي شروط الوصول إلى المعرفة؟
وبتعبير آخر ، هل يمكن تبديل الواقعيات الخارجية إلى حقائق ذهنية ، أي انعكاس صورة ما في الخارج عيناً في الذهن أم لا؟ إنَّ جميع تعاريف المعرفة والاختلافات الحاصلة حول ذلك ترجع إلى هذا الموضوع (١).
ومن جهة اخرى فإنّ جذور جميع العلوم والمعارف البشرية تكمن في الإجابة عن هذا السؤال.
وبالرغم من أنّ أغلب الفلاسفة (سواء الماديين منهم أو الإلهيين) يؤيدون إمكانية معرفة الواقعيات الخارجية ، إلّاأنّ البعض منهم لا يعتقد بإمكانيتها ، وقد ذكرت أربعة أدلة لإثبات مرادهم :
__________________
(١). وعلى هذا يكون تعريف المعرفة عبارة عن : تبديل الواقعيات الخارجية إلى حقائق ذهنية ، وانعكاسها في مرآة الذهن كما هي.