أن تحصل لنا معرفة حقيقية لهذه الموجودات والعلاقات بينها ، مع أنّ المعرفة تستدعي الاستعاذة بأمرِ ثابت.
٤ ـ نعلم أنّ العالم يُمثل نظاماً موحداً ومترابطاً ، ومعرفة جزء منه تستدعى معرفة الكل ، وعليه ، فإنّ فقدان حلقة من السلسلة المترابطة للعالم يُخلّ بمعرفتنا ويحول دون معرفة أي جزء منه.
ومن جهة اخرى فإنّ الواقعيات التي لايمكن للبشر إدراكها كثيرة ولا يحصى عددها بالقياس إلى حجم المعلومات البسيطة.
وعلى هذا ، فكيف يمكن لنا أن نعد معرفة العالم أمراً متيسراً؟ إذن يجب الاعتراف بأنّ ما في أذهاننا مجرّد تصورات لها قيمة علمية فقط ، وليست لها أية قيمة واقعية.
* *
الجواب :
يمكن الإجابة على هذه الاستدلالات بثلاث طرق :
١ ـ إنّ جميع الذين يقولون بعدم إمكان المعرفة الواقعية ، يؤمنون بالكثير من المسائل الواقعية ، فهم يمسكون بأقلامهم ليبرهنوا ويستدلوا في مؤلفاتهم على صحة ما ذهبوا إليه وخطأ مخالفيهم ، ومن خلال انكارهم فانّهم عرفوا المئات من المسائل الواقعية ، ومن خلال هذه المعرفة دقوا طبول الحرب ضد مخالفيهم واستفادوا في حربهم هذه من الكثير من الامور الواقعية مثل ، القلم ، والورق ، الخطوط ، الكلمات ، الجمل والعبارات ، الكتب ، دور الطبع والنشر والمكتبات ، المخالفين أنفسهم ، المخاطبين ، الأمواج الأثيرية ، النور وغيرها ، كل ذلك يمثل اموراً واقعية استفادوا منها في معرفتهم ليشنوا بها حرباً على المعرفة ، فلقد استعانوا بالمعرفة ضد المعرفة وهو خطأ فاضح يستدعي الدقة والتأمل.
٢ ـ إنَّ خطأهم الكبير هو عدم تمييزهم بين مسألة كون معرفة الإنسان محدودة وبين أصل مسألة المعرفة ، فأن استدلالاتهم لا تنفي إمكانية المعرفة مطلقاً ، غاية الأمر أنّها تثبت