وهكذا بالنسبة للآيات المتعلقة بالجنّة أو النار ، والصراط وصحيفة الأعمال ، والآيات المتعلقة بالقضايا الأخلاقية والتقوى وحسن الخلق والشجاعة ، و... والآيات المتعلقة بأحكام الصلاة والصوم والزكاة والخمس والأنفال ، والآيات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وجهاد الأعداء وجهاد النفس و...
والمسلّم به أنّ هذه الآيات التي نزلت في مناسبات مختلفة ، عندما تُجمع كلُّ طائفةٍ منها على حدةٍ وتنظم وتُفسَّر فسوف تنكشف عنها حقائق جديدة ، ومن هنا تتّضح أهميّة التفسير الموضوعي ، حيث سيأتي الكلام عنه في البحث الآتي إن شاء الله.
ما هي المشاكل التي يُمكن حلُّها بواسطة التفسير الموضوعي؟
إنّ الجواب على هذا السؤال واضحٌ للغاية من خلال ملاحظة ما مرَّ ذكره آنفاً ، ولكن للمزيد من التوضيح ينبغي الالتفات إلى هذا الأمر وهو :
إنّ الكثير من آيات القرآن الكريم تتناول بُعداً واحداً من أبعاد موضوع ما ، فمثلاً ، فيما يخص مسألة «الشفاعة» فقد ورد في بعض الآيات أصل إمكان الشفاعة.
وفي البعض الآخر «شروط الشفاعة» (سبأ ٢٣ ، مريم ٧٨).
وفي بعضها شروط «المشفَّع لهم» (الأنبياء ٢٨ ، غافر ١٨).
وفي بعضٍ تُنفى الشفاعة عن الجميع ما عدا الله تعالى (الزمر ٤٤).
وفي بعض آخر ثبتت الشفاعة لغير الله (المدثر ٤٨).
نجد أنَّ حالةً من عدم الوضوح تحيط بأُمور الشفاعة بدءً من حقيقة الشفاعة وحتى سائر الشروط والخصوصيات الاخرى ، ولكن عندما نأخذ آيات الشفاعة من القرآن
__________________
ـ حيث يقول : «وَذَكرت أنّ الكتاب يصدّقُ بعضُه بعضاً» (نهج البلاغة ، الخطبة ١٨) وقد أورد بعض العلماء في كتبهم جملة «القرآن يفسر بعضه بعضاً» على أنّها حديثٌ ، كما في صفحه ١٠٦ من كتاب (تنزيه التنزيل) للمرحوم الشهرستاني ، إذ وردت هذه العبارة باعتبارها رواية بدون أن ترد عليها مؤاخذة ، كما تُلاحظ في نهج البلاغة إشارة اخرى إلى هذا الأمر ، حينما يقول بشأن القرآن الكريم : «وينطقُ بعضه ببعض ويشهد بعضُه على بعض» (نهج البلاغة ، الخطبة ١٣٣).