يجب الاذعان والاعتراف بأنّ العلوم البشرية كنور شمعةٍ وان حقائق هذا العالم العظيم كنور الشمس بل أعظم من ذلك!
ومن هنا ينبغي القول : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلّا مَا عَلَّمْتَنا). (البقرة / ٣٢)
ونختم هذا الحديث بكلام عظيم لمتكلم عظيم ألا وهو الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، حيث يقول في خطبة الأشباح :
«واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السُّدَدِ المضروبة دون الغيوب ، الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله ـ تعالى ـ اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً ، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخاً ، فاقتصر على ذلك ولا تُقدّر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين»! (١).
* *
تذكير :
إنّ الالتفات إلى كون علم البشر محدوداً لهُ آثار ونتائج إيجابية بنّاءة ، نذكرها هنا :
١ ـ الحد من الغرور العلمي : نعلم أنّ البشر قد واجه مصائب كثيرة من جراء الغرور العلمي ، ومثاله ما ظهر في حدود القرن الثامن عشر الميلادي في اروبا فعندما حصلت قفزة في العلوم الطبيعية آنذاك ، تصور بعض العلماء أنّ جميع ألغاز الكون قد حلت وأنّ أسراره قد كُشفت ، ولهذا أنكروا كل شيء يكمن وراء معلوماتهم ، بل سخروا من جميع الامور التي لا تدخل في اطار معلوماتهم ، وقد وصل انكارهم إلى حدٍ سخروا من وجود الروح حيث قال بعضهم : لا نؤمن بوجود الروح مالم نشاهدها تحت سكاكين الجراحة في غرفة العمليات ، أو بما أنّ الله لا يدرك بالحس فلا وجود له!
إنّ هذا النوع من الغرور خلق مشاكل كثيرة ، والأمر الوحيد الذي يمكنه أن يحطم هذا
__________________
(١). نهج البلاغة ، الخطبه ٩١.