عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، واجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه ، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك ، لأن يزيد بن الوليد الذي قام على بن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته ، بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان ، ولما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم فغلبه مروان ، ثم ثار على مروان بنو العباس ، الى أن قتل .
ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح ، ولم تطل مدته ، مع كثرة من ثار عليه ، ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته ، لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس ، واستمرت في أيديهم متغلبين عليها الى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك ، وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض ، الى أن لم يبق من الخلافة إلا الإسم في بعض البلاد ، بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً ويميناً مما غلب عليه المسلمون ، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شئ منها إلا بأمر الخليفة . ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك .
فعلى هذا يكون المراد بقوله : ثم يكون الهرج ، يعني القتل الناشئ عن الفتن وقوعاً فاشياً يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام ، وكذا كان . والله المستعان .
والوجه الذي ذكره بن المنادي ليس بواضح ، ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده رفعه : سيكون من بعدي خلفاء ثم من بعد الخلفاء أمراء ، ومن بعد الأمراء ملوك ، ومن بعد الملوك جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، ثم يؤمر القطحاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه . فهذا يرد على ما نقله بن المنادي من كتاب دانيال .
وأما ما ذكره عن أبي صالح فواهٍ جداً ، وكذا عن كعب ....
فالأولى
أن يحمل قوله : يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، على حقيقة البعدية فإن