وإن لم يكن منطوقاً ، وهو الاقتصاد في البذل والعطاء ، فقد تضمّنته آية أُخرى في سورة الفرقان ، وهي : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ) (١).
وقد ورد في سبب نزول الآية ما يوضح مفادها.
روى الطبرى أنّ امرأة بعثت ابنها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالت : قل له : إنّ أُمّي تستكسيك درعاً ، فإن قال : حتى يأتينا شيء. ، فقل له : انّها تستكسيك قميصك.
فأتاه ، فقال ما قالت له ، فنزع قميصه فدفعه إليه ، فنزلت الآية.
ويقال انّه عليهالسلام بقي في البيت إذ لم يجد شيئاً يلبسه ولم يمكنه الخروج إلى الصلاة فلامه الكفّار ، وقالوا : إنّ محمداً اشتغل بالنوم واللهو عن الصلاة ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ) أي يوسع مرة ويضيق مرة ، بحسب المصلحة مع سعة خزائنه (٢).
روى الكليني عن عبد الملك بن عمرو الأحول ، قال : تلا أبو عبد الله هذه الآية : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ).
قال : فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده ، فقال : هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه ، ثمّ قبض قبضة أُخرى ، فأرخىٰ كفه كلها ، ثمّ قال : هذا الإسراف ، ثمّ قبض قبضة أُخرى فأرخىٰ بعضها ، وقال : هذا القوام (٣).
__________________
(١) الفرقان : ٦٧.
(٢) مجمع البيان : ٣ / ٤١٢.
(٣) البرهان في تفسير القرآن : ٣ / ١٧٣.