إنّ من آفاق القرآن ومعانيه السامية هو أقسامه ، فقد أقسم القرآن الكريم بأُمور مختلفة ربما يبلغ عدد أقسامه إلى أربعين حلفاً أو أكثر ، وتمتاز عن الأقسام الرائجة في العصر الجاهلي بأنّها انصبت على ذوات مقدسة أو ظواهر كونية ذات أسرار عميقة ، في حين امتاز القسم في العصر الجاهلي بالحلف بالمغاني والمدام (١) وجمال النساء ، إلىٰ غير ذلك من الأُمور المادية الساقطة.
حلف سبحانه في كتابه مضافاً إلى ذاته ، بالقرآن ، الملائكة ، النفس ، الشمس ، القمر ، السماء ، الأرض ، اليوم ، الليل ، القلم ، وغير ذلك من الموضوعات التي تحتوي على أسرار مكنونة ، ويصحّ في حقّها ، قوله سبحانه : ( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٢).
ينقل السيوطي انّ أوّل من أفرد أقسام القرآن بالتأليف هو شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية ( المتوفّى ٧٥١ ه ) ولم يذكر كتاباً غيره ، ثمّ جمع السيوطي أقسام القرآن وجعله نوعاً من أنواع علومه ، فبحث عنها بحثاً موجزاً لا يتجاوز عن خمس صفحات (٣).
وقال الكاتب الچلبي في « كشف الظنون » ـ بعد سرد ما قام به السيوطي ـ : وتبعه صاحب مفتاح الكرامة حيث أورده من فروع علم التفسير (٤).
ولم نقف على كتاب مفرد حول أقسام القرآن في الأوساط الشيعية مع ما فيها
__________________
(١) المدام والمدامة : الخمر.
(٢) الواقعة : ٧٨.
(٣) الإتقان في علوم القرآن : ٤ / ٤٦ ـ ٥١.
(٤) كشف الظنون : ١ / ١٣٧ ـ ١٣٨.