وضرب المثل عبارة عن جعله سائراً في البلاد كقولك : ضرب في الأرض إذا صار فيها ، ومنه سمي الضارب مضارباً (١).
فإذا كان الضرب بمعنى قطع الأرض وطيّها ، فضرب المثل عبارة عن جعله شيئاً سائراً بين الأقوام والشعوب يمشي ويسير حتى يستوعب القلوب.
وفي المقام كلمة لابن قيم ، يوضّح فيها أكثر هذه الاحتمالات :
ضرب الله سبحانه لعباده ، الأمثال ، وضرب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لأُمّته الأمثال ، وضرب الحكماء والعلماء والمؤدِّبون الأمثال ، فما معنى ضرب المثل ؟
قد يكون مشتقّاً من قولك ( ضرب في الأرض ) أي سار فيها.
فمعنى ضرب المثل جعله ينتشر ويذيع ويسير في البلاد. وإلى هذا ذهب أبو هلال في مقدمة كتابه (٢).
وقد يكون معنى « ضرب المثل » نصبه للناس بإشهاره لتستدل عليه خواطرهم كما تستدل عيونهم على الأشياء المنصوبة. واشتقاقه حينئذٍ من قولهم : ( ضربت الخباء ) إذا نصبته.
وقوله تعالى : ( كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ ) (٣) أي ينصب منارهما ويوضح أعلامهما ليعرف المكلّفون الحق بعلاماته فيقصدوه ، ويعرفون الباطل فيجتنبوه ، كما قال الشريف الرضيّ ( ٣٥٩ ـ ٤٠٦ ه ) في كتابه « تلخيص البيان في مجازات القرآن » :
__________________
(١) الحكم والأمثال : ٧٩.
(٢) انظر مقدمة كتاب جمهرة الأمثال.
(٣) الرعد : ١٧.