الحبك جمع الحباك ، كالكتب جمع كتاب ، تستعمل تارة في الطرائق ، كالطرائق التي ترىٰ في السماء ، وأُخرى في الشعر المجعد ، وثالثة في حسن أثر الصنعة في الشيء واستوائه.
قال الراغب : ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ ) أي ذات الطرائق ، فمن الناس من تصور منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرة.
ولعلّ المراد منه هو المعنى الأوّل أي السماء ذات الطرائق المختلفة ، ويؤيده جواب القسم ، وهو اختلاف الناس وتشتت طرائقهم ، كما في قوله : ( إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ ) ، وربما يحتمل أنّ المراد هو المعنى الثالث أي أقسم بالسماء ذات الحسن والزينة ، نظير قوله تعالى : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ) (١) ولكنه لا يناسبه الجواب ، إذ لا يصحّ أن يحلف حالف بالأمواج الجميلة التي ترتسم بالسحب أو بالمجرّات العظيمة التي تبدو كأنّها تجاعيد الشعر علىٰ صفحة السماء ، ثمّ يقول : ( إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ ) ، أي إنّكم متناقضون في الكلام.
وعلى كلّ حال فالمقسم عليه هو التركيز على أنّهم متناقضون في الكلام ، فتارة ينسبون عقائدهم إلى آبائهم وأسلافهم فينكرون المعاد ، وأُخرى يستبعدون إحياء الموتىٰ بعد صيرورتها عظاماً رميمة ، وثالثة يرفضون القرآن والدعوة النبوية ويصفونه بأنّه قول شاعر ، أو ساحر ، أو مجنون ، أو مما علّمه بشر ، أو هي من أساطير الأوّلين.
وهذا الاختلاف دليل على بطلان ادّعائكم إذ لا تعتمدون على دليل خاص ،
__________________
(١) الصافات : ٦.