يقول الزمخشري : وأمّا قولهم هو الدواة ، فما أدري أهو وضع لغوي أم شرعي ؟ ولا يخلو إذا كان اسماً للدواة ، من أن يكون جنساً أو علماً ، فإن كان جنساً فأين الإعراب والتنوين ؟ وإن كان علماً فأين الاعراب ؟ وأيّهما كان فلابدّ له من موقع في تأليف الكلام (١).
وبذلك يعلم وجه تجريد « ن » عن اللاّم واقتران القلم بها.
١. حلف سبحانه بالقلم ، وقال : ( وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) وهل المراد منه جنس القلم الذي يكتب به من في السماء ومن في الأرض ، قال تعالى : ( وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) (٢). فمنّ سبحانه وتعالى بتيسير الكتابة بالقلم ، كما منَّ بالنطق ، وقال : ( خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) (٣).
فالقلم والبيان نعمتان كبيرتان ، فبالبيان يخاطب الحاضرين ، كما أنّه بالقلم يخاطب الغائبين فتمكن بهما تعريف القريب والبعيد بما في قرارة ذهنه.
وربما قيل : إنّ المراد هو القلم المعهود الذي جاء في الخبر : « إنّ أوّل ما خلق الله هو القلم » ولكنّه تفسير بعيد عن أذهان المخاطبين في صدر الإسلام الذين لم يكونوا عارفين بأوّل ما خلق الله ولا بآخره.
ثمّ إنّه سبحانه حلف ب ( مَا يَسْطُرُونَ ) ، فلو كانت « ما » مصدرية يكون المراد « وسطرهم » فيكون القسم بنفس الكتابة ، كما يحتمل أن يكون المراد المسطور
__________________
(١) الكشاف : ٤ / ١٢٦ ، تفسير سورة القلم.
(٢) العلق : ٣ ـ ٥.
(٣) الرحمن : ٣ ـ ٤.