القسم في سورة البلد
حلف سبحانه في سورة البلد بأُمور أربعة : البلد ، ومن حلّ فيه ، ووالد ، وما ولد ، وقد حلف بالثاني كناية وبما سواه تصريحاً ، قال سبحانه : ( لا أُقْسِمُ بِهَٰذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَٰذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ) (١).
حلف فيها سبحانه بمكة المكرمة كما حلف بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الحالِّ فيها ، ومقتضى التناسب بين الأقسام أن يكون المراد من الوالد والولد ، هو إبراهيم وإسماعيل اللذان بنيا البيت ، ودعا إبراهيم كلّ راكب وراحل إلى زيارته.
أمّا الحلف الأوّل فواضح ، لأنّ البيت مركز للتوحيد ولعبادة الله سبحانه ، وهو مطاف أنبياء الله العظام وأوليائه ، فقد بلغ من المكانة مرتبة صلح أن يحلف به سبحانه ، كيف وقد قال سبحانه في حق البيت : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) (٢).
قال سبحانه : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا ) (٣) وقال : ( جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ ) (١) فلو حلف بالبلد ، فإنّما لأجل احتضانه
__________________
(١) البلد : ١ ـ ٤.
(٢) آل عمران : ٩٦.
(٣) البقرة : ١٢٥.