٦ ـ (الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرآنَ* خَلَقَ الإِنْسانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ). (الرحمن / ١ ـ ٤)
٧ ـ (فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنْتَ مُذَكِّرٌ). (الغاشية / ٢١)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
أستاذ الأزل :
الآية الأولى من الآيات التي اخترناها في بحثنا هذا تتناول حوار موسى بن عمران عليهالسلام مع فرعون ، فعندما سأله فرعون وأخاه هارون : من هو ربّكما هذا الذي تدعوان له؟ أجابه فوراً : (رَبُّنا الَّذي أعْطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى).
واضح أنّ كل موجود خلق من أجل هدف ، وكل صنف من أصناف النباتات والحيوانات والموجودات سواء كانت طيوراً أو حشرات أو حيوانات أو صحارى أو بحاراً ، كلٌ خُلِقَ لبيئة خاصة ، ونرى بوضوح أنّ لها انسجاماً كاملاً مع بيئتها وقد زوّدت بما تحتاج إليه ، هذا في المرحلة الابتدائية من خلقها.
أمّا في مرحلة الهداية التكوينية فنشاهد بجلاء أن ليس هنالك موجود يترك لحاله بعد خلقه بل إنّه يُساق نحو أهدافه بتوجيه خفي ، وللكثير منها علوم ومعارف لم تصلهم بلا شك عن طريق التجربة الشخصية ولا عن طريق تعليم المعلم ، إنّ هذه الهداية التكوينية والعلوم والمعارف من آيات الذات المقدّسة التي خلقت هذا العالم الكبير وما انفكت تهديه وتسيّره.
وبالطبع فإنّ هذا الكلام لا يخص الإنسان وحده ، بل إنّ مفاد الآية هو بحث كلي وجامع وعام يشمل أفراد البشر ، وهذا أمر يختلف عن هداية الأنبياء والرسل المسماة بالهداية التشريعية والخاصة بالإنسان.
إنّ الطفل الذي يولد من أمّه يتّجه وبدون أي مقدّمة نحو ثدي الأم بفمه ويمتص عصارة روحها ، وتارة يضع يديه الصغيرتين على الثدي فيحرك منابع اللبن فيه ، من اين تعلم هذا الدرس الذي يضمن لهُ تغذيته واستمرار حياته؟