فالنوم المعتدل دائماً يعتبر دليلاً على سلامةِ روح واعصاب الإنسان ، لذلك فإنّ أهمَ أسئلةِ الأطباء للمصابين بالأمراض النفسية تدور حول كيفية نومهم.
فلا تتوقف الاجهزة الأساسية في جسم الإنسان كالقلب والرئة أثناء النوم ، لكنها تعملُ بهدوءٍ أكثر ، ويصبحُ دوران الدَّم في الأعضاء أكثرَ تناسقاً ، ويتوقفُ نشاطُ الدَّماغ تقريباً ، وتستقر جميعُ العضلات أيضاً ، فتؤدّي كلُّ هذه الامور إلى حصول هذه الأعضاء على فرصةٍ لِتجديد بناء بنائها.
وخلالَ النومِ تُزالُ سمومُ الجسم ، وتُعالجُ كثير من الأمراض.
لقد أورد «روخلين» في كتابه «الرؤيا في نظر بافلوف» بحثاً تحت عنوان «العلاج بالنوم العميق» قائلاً :
«بناءً على فرضية «بافلوف» فانَّ النومَ عبارةٌ عن ظاهرةِ توقُفٍ من أجل الصيانة وتجديد القوى ، وعليه فيمكن استغلالهُ كعاملٍ للعلاج من الأمراض المختلفة ، وتؤيدُ التجاربُ اليومية دور النوم في ذلك أيضاً».
ثم يضيف : «إنَّ النومَ العميق الطويل مؤثر على تحسُن صحة المريض ، لأنَّ المرضى ينامون أكثر من المعهود بعد مرضٍ طويلٍ من أجلِ استعادةِ قواهم وسلامتهم».
ويقول : «لقد واجه العلاجُ عن طريق النوم رواجاً واسعاً في الاتحاد السوفيتي ، وقد استخدمت هذه الطريقةُ لأولِ مرّةٍ لمعالجة (جنون الشباب) «الشيزوفرينيا» الذي يعتبر من الأمراض النفسية الشائعة».
ويقول في جانبٍ آخر من حديثه : «تمّ الحصول على نتيجةٍ مُرضيَةٍ لعلاج المصابين بارتفاع ضغط الدم عن طريق النوم العميق ... فالنوم الطويل الذي هو حالة من الراحةِ الكاملة للمخ ، يُجدد قدرةَ الجهاز العصبي ويوازن تنظيم نشاط الأعضاء الداخلية ، ويترك أثراً إيجابياً مساعداً للوضع العام للإنسان» (١).
أَجَل ؛ فالذي خلق الإنسان سالماً من أجل السعي والنشاط ، وضع جميع وسائل ذلك تحت تصرفهِ ، وأحدُها نظام النوم واليقظة ، النظام الذي تبرز فيه بكل وضوح براهينُ حكمةِ الباري عزوجل.
__________________
(١) النوم في نظر بافلوف ، ص ١١٢ ـ ١١٦ (مع الاختصار).