جمع الآيات وتفسيرها
ارتفاعُ السماء آية حق!
الحديث في أول آيةٍ من البحث هو عن خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار اللذين يحصلان نتيجة دوران الأرض حول نفسها مقابل الشمس إذ يقول تعالى : (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيات لِأُولى الأَلْبَاب).
وكما أوضحنا في بحوث المعرفة في المجلد الأول من هذا التفسير فانَ «الالباب» جمع «لُبْ» أي العقل الصافي والعميق ، نَعمْ .. فَمَنْ لهم مثل هذه العقول والألباب يستطيعون أن يَرَوا آياتٍ وبراهين كثيرةً عن القدرة الإلهيّة في خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، وليس آية واحدةً أو برهاناً واحداً فقط.
واللطيف ما جاء في الرواية المشهورة الواردة في الكثير من التفاسير في تفسير هذه الآية حيث ورد فيها : قال ابن عمر : قلت لعائشة اخبريني بأعجب ما رأيت من رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، فبكت وأطالت ثم قالت : كل أمره عجب ، أتاني في ليلتي فدخل في لحافي حتى الصق جلده بجلدي ، ثم قال لي : يا عائشة هل لك أن تأذني لي الليلة في عبادة ربي؟ فقلت يا رسول الله إنّي لأحب قربك وأحبّ مرادك قد أذنت لك ، فقام إلى قربة ماء في البيت فتوضأ ولم يكثر من صبّ الماء ، ثم قام يصلي ، فقرأ من القرآن وجعل يبكي ، ثم رفع يديه فجعل يبكي حتى رأيت دموعه قد بلت الأرض ، فأتاه بلال يؤذن لصلاة الغداة فرآه يبكي ، فقال : يا رسول الله أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
فقال صلىاللهعليهوآله : يا بلال أفلا أكون عبداً شكوراً ، ثم قال : ما لي لا أبكي وقد أنزل الله في هذه الليلة : (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ) ، ثم قال : (ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها) (١).
صحيحٌ أنّ كلَّ من ينظر إلى السماوات والأجرام السماوية يهتدي إلى آياتٍ من آيات الله تعالى ، إلّاأنَّ ذوي العقول والألباب يستفيدون أكثر من سواهم ، فهؤلاء يَرَوْنَ آثارَ قدرةِ الله
__________________
(١) تفسير روح الجنان ؛ ج ٣ ، ص ٣٨٤ ؛ تفسير الكبير ٩ ص ١٣٤ ؛ وتفسير روح المعاني ، ج ١٤٠٤ ؛ تفسير القرطبي ، ج ٣ ، ص ١٥٥٢ وتفاسير اخرى.