وقد ورد ذكر خلق السماواتِ والأرض في ستة أيّام في سبع آياتٍ من القرآن الكريم (١).
وهذا يُبرهنُ على أنّ (القرآنَ الكريم) يولي اهتماماً خاصاً لمسألةِ الخلق التدريجي للعالم ، وهو بذاته دليلٌ آخر على عظمة الخالق جلَّ وعلا.
ومع أنَّ بعضَ الماديين غير الواعين وبسبب عدم معرفتهم لمعنى «اليوم» ، انتقدوا مثل هذه الآيات واستهزؤوا بها (٢) حيث إنّهم يعتقدون أنّ «اليوم» هنا بمعنى بياض النهار أو (الأربع وعشرين ساعة) ، إلّاأنّ الجميع يعلم أنّ اليومَ بهذا المعنى هو ناتج من حركةِ الأرض وضوء الشمس ، وعندما لم يكن وجودٌ للسماوات والأرض لم يكن هناك مفهوم لليل والنهار بهذه الهيئة.
فقد غَفَلَ هؤلاء عن هذه المسألة وهي أنّ كلمة «اليوم» وما يماثلها في بقية اللغات لها معانٍ مختلفة من حيث المفهوم والاستعمالات اليومية ، فمنها ما يعني «المرحلة» وقد تكون هذه المرحلة قصيرةً أو طويلةً جدّاً ، كما يقول الراغب في كتاب «المفردات» الذي هو من الكتب اللغوية المعروفة : اليومُ يُعَّبرُ به عن وقت طلوع الشمسِ إلى غروبها ، وقَدْ يُعبر به عن مدةٍ مِنَ الزَّمانِ أيَّ مدةٍ كانت.
ونقول في الاستعمالات اليومية ، إنَّ الناس كانوا في يوم ما يسافرون على ظهور الحيوانات ، واليوم بوسائط النقل السريعة ، وكلا هذين التعبيرين «يومٌ ، واليوم» إشارة إلى حقبة طويلة ، ونقرأ في الحديث المعروف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «واعلَمْ بأنَّ الدَّهرَ يومانِ : يومٌ لكَ ويومٌ عليك» (٣).
بل إنّ الدنيا كلها عُدَّت يوماً واحداً ، وكذلك كل الآخرة في بعض العبارات ، فيقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «وإنَّ اليوم عملٌ بلا حساب ، وغداً حسابٌ بلا عمل».
والبيتان المعروفان عن الشاعر كليم الكاشاني تعبير لطيفٌ في هذا المجال ، وهذه ترجمتهما العربية :
__________________
(١) الفرقان ، ٥٩ ؛ السجدة ، ٤ ؛ ق ، ٣٨ ؛ الحديد ، ٤ ؛ الاعراف ، ٥٤ ؛ هود ، ٧.
(٢) المادية التاريخية ، ص ٨٧.
(٣) نهج البلاغة ، الرسالة ٧٢.