لذلك نقرأ في الحديث المشهور عن الإمام الرضا عليهالسلام حيث كان يتحدث إلى بعض الجهلاء الذين كانوا يقولون : إنَّ السماء بلا عمود ، فقال الإمام عليهالسلام : «سبحان الله أليسَ اللهُ يقول بغير عَمَدٍ تَرَونَها» ، ويجيب ذلك الشخص بنعم ، فيقول الإمام عليهالسلام مباشرة : «ثَمَّ عَمدٌ ولكن لا تَرَوْنَها» (١).
وقد رُوي هذا المعنى بتعبير «عمود من نور» في حديثٍ شيِّقٍ لأمير المؤمنين عليهالسلام حيث يقول : «هذه النجوم التي في السماء مدائنُ مثل المدائن التي في الأرض مربوطةٌ كلُّ مدينةٍ إلى عمودٍ من نور» (٢).
والذى يثير الانتباه هنا هو بالرغم من أنّ قانون الجذب والدفع لم يكن مذكوراً في تفاسير القدماء والسالفين ، فانَّ منهم من فسَّر الآية كما ذكرنا آنفاً ، حيث قال بوجود عمودٍ غير منظورٍ للسماء ، بالرغم من أنَّ البعض عبَّر عن هذا العمود غير المنظور بقدرةِ الله(٣).
على أيّة حال ، فهذه احدى آيات الله العظيمة ، حيث رفع السموات بهذه الأعمدة القوية غير المنظورة ، والأنظمة المهيمنة على قانون الجذب والدفع ، بحيث لو حَصَلَ أقلُّ تغييرٍ في هذه المعادلة ، فسوف يختلُ توازنها أو تتصادم فيما بينها بشدة وتختفي أو تبتعد نهائياً وينفصم الارتباط بينها.
* * *
النتيجة :
مع أنّ الآيات المتعلقة بخلق السموات والأرض في القرآن الكريم ليست محصورةً بما اوردناه آنفاً ، وإذا تقررَ أنّ تُبحثَ كموضوعٍ مستقلٍ تحت عنوان : «السماء والأرض في
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢٧٨.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٥٥ ، ص ٩١ ؛ تفسير القرطبي ج ٩ ص ٢٧٩.
(٣) تفسير مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٢٤٧ ؛ تفسير روح المعاني ، ج ١٣ ، ص ٧٨ ؛ تفسير الكبير ، ج ١٨ ص ٢٣٢ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٥ ص ٣٥٠٨.