واليوم قد ثبتت هذه الحقيقة ، إذ إنَّ كلَّ حركةٍ تُشاهدُ في الأرض هي من بركاتِ ضوء الشمس ، فلو فكّرنا بامعانٍ في حركة الرياح ، والغيوم وأمواج البحار وجريان الأنهار ، والشلالات ، والحيوانات والناس لوجدناها تنبعُ من ضوء الشمس بدون استثناء.
ولو انطفأت الشَّمس وانقطعت هذه الاشعةُ التي تهبُ الحياة عن الأرض فسَيَعُمُّ الموتُ والسكوتُ والظلامُ كلَّ مكانٍ خلال فترةٍ قصيرةٍ جدّاً.
كما أنّ نور القمرِ الجميلِ لايعتبر مصباحاً في ليالينا الحالكة ودليلا ؛ لقاطعي الصحراء ليلاً فقط ، بل إنَّ نورَهُ اللطيف والمناسب يبعثُ الطمأنينةَ والنشاط لدى البشر بأسرهم.
ويرى بعضُ المزارعين أنّ «نور القمر» له دور حساس في نمو الفواكه والنباتات أيضاً.
وطبعاً أنّ كل ما ذكرناه يختصُ بنور الشمس والقمر فقط ، وسنقوم ببحث ما يخص بقية بركاتهما بشكلٍ مستقلٍ.
ثم يشيرُ القرآن الكريم في نهاية هذه الآية إلى احدى البركات والفوائد المهمّة لهاتين الكرتين السماويتين حيث يضيف : (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنينَ وَالْحِسابَ).
فالقمرُ بسيرِهِ المنَّظم ، وحركته الدقيقة يُعتبر تقويماً واضحاً وحيّاً وطبيعياً للغاية ، تَسهُلُ قراءَتُه على العالم والجاهل ، ويُنَظِّمُ برامج حياته على اساسهِ ، ولو أمعّنا التفكير لوجدنامسألة تنظيم حياة الإنسان ترتبط بقوةٍ بحساب السنين والشهور ووجودِ تقويمٍ طبيعيٍ ، حيث يتكفلُ القمرُ والشمسُ ودوران الأرض المنَظَّم حول نفسها وحول الشمس بانجاز هذا الدور ، وأنَّ التقويمات الحالية التي نُظِّمت استناداً إلى حسابات المُنجمِّين لا تنفعُ إلّاالذين لديهم إمكانية فهمها ، والتقويم الوحيد المفهوم والمعلوم والمفيد للجميع هو التقويم الطبيعي الذي يتوفر لدينا من حركة القمر ، منذ مرحلة «الهلال» وحتى وصوله إلى مرحلة «البدر الكامل» ، ومن ثمَّ إلى «المحاق» ، ولو تفحَّصَ الإنسان قليلاً لاستطاع أنّ يُحدِّدَ ليالي الشهر من خلال ملاحظة حجم القمر ، لأنَّ القَمَر لا يستقر على حالٍ واحدة في السماء على مدى ليلتين أبداً ، ولعلَّ تنظيم العبادات الإسلامية وفقاً للأشهر القمريةِ نابعٌ من هذا الأمر.