(لِتَبتَغُوا فَضْلاً مِّنْ رَّبِّكُمْ ولِتَعْلَمُوا عَدَدَ السَنِينَ والْحِسَابَ).
فهل أنّ فوائد النهار تقتصر على ابتغاء فضلِ الله ومعرفة حساب السنة والشهور من آثار الليل والنّهار معاً؟ أم أنّ كلا المنفعتين لهما علاقةٌ وثيقة بالليل والنهار معاً؟ لأنَّ الراحةَ في اللّيل لها أثرٌ واضحٌ في إمكانية العمل والابتغاء من فضل الله نهاراً ، والظاهر أنَّ المعنى الثاني أكثر تناسباً من حيث تناسقه مع الآية ، بالرغم من أنّ العديد من المفسرين ذكرَ المعنى الأول.
* * *
وفي الآية السادسة إشارة إلى هذا المعنى وبنحوٍ آخر حيث يقول : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً ـ والنَّهَارَ مَعَاشاً).
وقد يكون «المعاش» اسم زمانٍ أو مكانٍ أو مصدراً ميمياً ، وهو يلائم المعنى المصدري (١).
ووصف الليل ب «اللباس» يعتبر من التعابير اللطيفة جدّاً ، حيث إنَّ الليل كاللباس بالنسبة لنصف الكرة الأرضية ، وهو كذلك بالنسبة للإنسان ، فكما أنّ اللباس يحفظ جسم الإنسان من بعض الاضرار ويمنحه جمالاً ورونقاً ، فانَّ ظلمةَ الليل والنوم العميق أثناء اللّيل يمنح روحَ الإنسان وجسمه طراوةً ونشاطاً ويصونه من مختلف الأمراض.
* * *
والحديث في الآية السابعة عن استخلاف الليل والنّهار لبعضهما البعض ، فيقول : (وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً).
__________________
(١) قال بعض المفسرين : إنّ التعبير ب «المعاش» أي «الحياة» بخصوص النهار هو لأجل أنّ النوم في الليل يشبه الموت كما يقول العرب في أمثالهم «النوم أخُ الموت» ، وعليه فانَّ النقطة المقابلة له اي النهار هو أساس الصحوة والحياة ، (الحياة بكل أبعادها).