وأشار في الآية التاسعة ، أولاً إلى مسألة اختلاف اللّيل والنهار ، ثم إلى كافة مخلوقات الأرض والسماء التي خلقها الله تعالى كبرهانٍ على عظمتهِ وعلمهِ وقدرتهِ فيقول : (انَّ فِى اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِى السَّمَواتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُوْنَ).
وهذا التعبير دليلٌ على مدى أهميّة خلقهما.
* * *
وفي القسم العاشر أشار في ثلاث آيات بتعابير جميلة إلى الفوائد المهمّة لليل والنهار فقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيكُمُ اللَّيلَ سَرْمَداً إِلى يَومِ القِيَامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيرُ اللهِ يأتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ* قُلْ ارأَيْتُم إنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيكُم الَّنهَارَ سَرمَداً إِلى يَومِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيرُ اللهِ يَأتِيكُم بِلَيلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُون* وَمِنْ رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ والنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيْهِ ولِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشْكُرُوْن).
والجدير بالذكر انّه يقول في نهاية احدى الآيات : (أَفَلا تَسْمَعُونَ) ، وفي نهاية آية اخرى : (أَفَلا تُبْصِرُونَ).
ولعلَّ هذه التعابير إشارةٌ إلى أنّ هناك دلائل حسّية في هذا النظام الدقيق لليل والنّهار يجب أن تُنظَر بالعين ، وكذلك هناك دلائل نقليه يجب أن تُسمَعَ ، وهذا جديرٌ بالتأمُل أيضاً ، يقول في مورد خلود اللّيل : (أَفَلا تَسْمَعُونَ) ، وفي مورد خلود النّهار : (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، لأنَّ الأُذنَ تستخدمُ غالباً في الليل والعينَ في النهار.
* * *
إنَّ أهميّة موضوع الليل والنّهار بلغت إلى الحد الذي يُقسمُ الله تعالى في القرآنُ بهما في آياتٍ عديدةٍ من بينها ما يقوله في القسم الحادي عشر من هذه الآيات : (واللَّيلِ إذا يَغْشى * والنَّهارِ إِذا تَجَلَّى).
وورد هذا المعنى في مكانٍ ثانٍ وبتعبيرٍ آخر فيقول : (واللَّيلِ إِذ أَدبَرَ والصُبْحِ إِذا أسْفَرَ). (المدثر / ٣٣)