وهناك نقطة بالغة الاهمية وهي لو كان سطح الأرض مستوياً ، فسوف تكون درجة الحرارة على الأرض عالية جدّاً ومحرقة وذلك بسبب حركة الأرض السريعة حول نفسها وحركة الهواء على سطح الأرض وبذلك تتعذر الحياة على سطح الأرض.
لكن الباري تعالى الذي جَعَلَ الأرض مهداً لراحة الإنسان ، أمر الجبال أن تكون مرتفعة في طبقات الجو ، وتدور حول نفسها تبعاً لدوران الأرض ، كي تمنع اهتزاز الجو وحصول الحرارة.
بناءً على ذلك نلاحظ جيداً أهميّة الدور الذي يلعبُهُ وجود هذه القطع الصخرية الصمّاء في حياة الموجودات.
بالاضافة إلى ذلك فانَّ الجبالَ تُوجدُ مساحات مسطَّحة شاسعة بسبب التعرجات والانكسارات وتؤدّي إلى مضاعفة الجزء الذي يمكن استغلاله من الأرض لعدّة مرات ، وفي نفس الوقت فانَّ أغلبها يعتبر مكاناً لنمو أشجار الغابات الكثيفة وأنواع النباتات الطبية والغذائية والمراتع.
* * *
ولعلَّ لهذا السبب جاء الحديث في الآية السادسة عن بركات الأرض واقواتها بعد نصب الجبال في الأرض إذ يقول : (وَجَعَلَ فِيْهَا رَوَاسِىَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيْهَا وقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا).
لأنَّ ممّا لا شك فيه أنّ الجبال نفسها وكذلك المياه التي تسيل من بطونها لها دورٌ حساسٌ للغاية في انتاج المواد الغذائية.
وممّا يلفت الانتباه قوله في نهاية الآية : (سَواءً لِلسَّائِليْنَ) ، فلعلّه إشارة إلى هذا المعنى ، وهو أنّ المواد الغذائية تعادل ما يحتاجه السائلون والمحتاجون تماماً ، ويمكن أن يكون تعبير (السائلين) إشارة إلى كافة الحيوانات والناس والنباتات (وإذا جاء بصيغة جمع المذكر للعاقل فهو من باب التغليب) نعم فالكل يسأل عن (الاقوات) بلسان حاله.
و «أقوات» : جمع (قوت) وتعني الغذاء ، وقد فسَّرها بعض المفسرين بـ الأمطار فقط ، والبعض الآخر فسَّرها بالمواد الغذائية المدَّخرة في باطن الأرض ، إلّاأنّ الظاهر هو أنّها