يستفاد جيداً من تسلسل هذه الآيات أنّ خلق الجبال بفوائدها الحياتية والضرورية جدّاً والمصيرية ، من البراهين المهمّة على علم وقدرة الباري تعالى وآيات حكمته ورأفته بالإنسان ، ويوضح جيداً أن خلقَ هذا العالم وذرات موجوداته ، مليءٌ بالمعنى والمحتوى إلى حدٍ كلمّا تم التمعُن به تنكشفُ للإنسان أسرارٌ جديدة ويتولد على أثرها حبٌ وارتباطٌ بالخالق جلَّ وعلا.
* * *
توضيحات
١ ـ الجبال والاعجاز العلمي للقرآن
١ ـ لعلَّ إلى ما قبل قرنٍ من الزمان كانت نظرية العلماء تنصُ على سطحية الجبال ، وكان الاعتقاد السائد هو أنَّ كل الجبال عبارة عن قطعٍ صخرية كبيرة تستقر على سطح الأرض ، ولكن مع مرور الزمان ازيلَ الحجابُ عن سرٍّ مهمٍ ، وتوصلَ العلماء إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ الجزءَ الأعظم من كل جبلٍ يقع تحت الأرض!
وكما يقول «جورج غاموف» في كتاب «قصة الأرض» : «طبقاً للنظريات المعاصرة فانّ جبال الأرض لها أوضاع تشبه الجبال الجليدية التي تتكون تحت تأثير ضغط الثلوج في المناطق القطبية ، فكلُ من زار المناطق القطبية يعرف جيداً أنّ القطع الثلجية الضخمة حينما تتكسر تحت تأثير الضغط تتراكم على بعضها ، وتندفع نحو البحار ـ وأثناء ذلك ـ تنهار اغلب كميات الثلج في المياه ، (ولعلَّ عُشرُها فقط خارج المياه وتسعةُ اعشارها تحت الماء) ، ولهذا ففي مقابل كلِّ جبلٍ يرتفع على سطح الأرض هنالك جبلٌ تحت سطح الأرض ، متكون من مادة حجر الغرانيت يَغوص في ثنايا طبقة من الصخور التحتية الناعمة» (١).
وهنا نصل إلى هذه المسألة الاعجازية في القرآن حيث يطلق على الجبال «اوتاد» ومسامير الأرض ، وذلك لأننا نعلم أنّ القِسمَ الأعظم من المسمار يغور في الجدار أو الأشياء الاخرى دائماً.
__________________
(١) قصة الأرض ، تأليف جورج غاموف ، ص ١٢٦ مع شيء من الاختصار.