واتصال بعضها ببعض في أعماق الأرض بحيث تمنعها عن تفتّت أجزائها وتفرّقها ، فهي بمنزلة الأوتاد المغروزة المثبتة في الأبواب المركبة من قطع الخشب الكثيرة بحيث تصير سببا لالتصاق بعضها ببعض وعدم تفرّقها وهذا معلوم ظاهر لمن حفر الآبار في الأرض فانّها تنتهي عند المبالغة في حفرها إلى الأحجار الصلبة ، وأنت ترى أكثر قطع الأرض واقعةً بين جبال محيطة بها ، فكأنّها مع ما يتصل بها من القطعة الحجرية المتصلة بها من تحت تلك القطعات كالظرف لها تمنعها عن التفتّت والتفرق والاضطراب عن عروض الأسباب الداعية الى ذلك» (١).
إنَّ هذا الحديث واستناداً إلى التصريح الذي أوردناه آنفاً لاحد العلماء المتأخرين ، والذي هو من اكتشافات القرن الأخير ، يعتبر أمراً مثيراً جدّاً حيث يشير هذا العالم الإسلامي الكبير إلى ذلك قبل أكثر من ٣٠٠ سنة.
* * *
٤ ـ حديثٌ اعجازيٌ حول تكوين الجبال
وهذه نقطة جديرةٌ بالاهتمام أيضاً حيث ورد في روايةٍ أنّ شخصاً سألَ أميرَالمؤمنين عليهالسلام قائلاً : مِمّ خُلقتِ الجبالُ؟ فقال الإمام عليهالسلام في جوابه : «من الأمواج» (٢).
وهذا الحديث يتطابق تماماً مع النظرية المشهورة للعلماء المعاصرين إذ يعتقدون بأنَّ أغلبَ الجبال تكونت نتيجةً لتعرُّج قشرة الأرض بسبب انجمادها كالتجعدات التي تظهر على قشرة التفاح عند جفافها وهذه التعرّجات تشبه الأمواج التي تحدث على سطح الماء ، وقد يكون تعبير : (وَأَلْقَى فِى الأَرْضِ رَوَاسِيَ). (النحل / ١٥)
إشارة إلى خلق الجبال بعد خلق الأرض أيضاً.
* * *
__________________
(١) بحار الانوار ، ج ٣ ، ص ١٢٧.
(٢) بحارالانوار ، ج ٥٧ ، ص ٧٣ وج ٦٠ ، ص ١٢٠.