النعمة أيضاً ، كما في قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وفَرِحُوا بِهَا). (يونس / ٢٢)
ونقرأ أيضاً بخصوص سليمان عليهالسلام : (وَلِسُلَيَمانَ الرِّيْحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَواحُهَا شَهْرٌ). (سبأ / ١٢)
و «تَصْريفِ الرِّياح» تعني نقل الرياح من حالٍ إلى حال (من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال) ، وهي من مادة «صرف» (على وزن حرف) أي تحويل الشيء من حالةٍ إلى حالةٍ اخرى أو إِبداله بشيءٍ آخر (١).
وقد يكون هذا التعبير إشارة إلى أنّ الرياح لو سارت باتجاهٍ واحدٍ باستمرار فمن الممكن أن تدفعَ بالرطوبة والغيوم المتصاعدة من البحار نحو جهة واحدة فقط أما تغيُّر الرياح فانّه يؤدّي إلى أن تتحرك الغيوم من مكانٍ إلى مكانٍ آخر ، وتَستفيد أغلبُ المناطق الجافة من الأمطار إلى اقصى حد.
فضلاً عن ذلك وكما سيأتي فإنّ فائدة الرياح لا تنحصر بحركة الغيوم ، بل لها منافع كثيرة اخرى سنشير إليها في تفسير الآيات ـ إن شاء الله ـ (٢).
و «السَّحاب» : من مادة «سَحْب» (على وزن مَحْو) ، وتعني في الأصل الجرَّ ، حيثُ تُسحبُ الغيوم بواسطة الرياح ، أو أنّ الغيوم تسحبُ المياهَ نحو أيِّ اتجاهٍ ، فيُطلقُ اسم «السحاب» عليها ، وقد يُستخدم هذا المفهوم بمعنى الظِّل أو الظلام من باب التشبيه.
واللطيف إنَّه قد تمَّ التعبير في الآيات أعلاه بـ «سُقناه» من مادة «سوق» أي «الدفع» وقد استُعمِلَ هذا التعبير لأنَّ الله تبارك وتعالى يدفعها نحو اتجاه معيَّن (بالرغم من أنّ السحاب يتحرك طبيعياً).
و «مُزن» : على وزن «حُزن» وتعني «الغيوم الواضحة» ، وفسَّرها البعض بـ «الغيوم الممطرة» (٣).
__________________
(١) مجمع البحرين ، ومفردات الراغب.
(٢) يُقسِّمُ العربُ الرياحَ إلى اربعة اقسام : «الشمالية» التي تهب من الشمال ، و «الجنوبية» التي تهبُّ من الجنوب ، و «الصبا» التي تهبُّ من الشرق ، و «الدبور» التي تهبُّ من الغرب.
(٣) مفردات الراغب ولسان العرب ، مادة (مُزن).