ولهذا يُطلقُ على الهلال الذي يبرز من بين الغيوم بـ «ابن مُزنة» ، و «مازن» تعبيرٌ يطلق على بيض النمل.
و «بُشْر» : (على وزن عُشْر) ، وحسب ما جاء في «مصباح اللغة» فهي مأخوذة من «بَشَرْ» (على وزن سَقَرْ) أي السرور والفرح (١).
والسببُ في تسمية القرآن الكريم للغيوم بـ «بُشْر» و «مُبَشِّرات» لأنّها غالباً ما تكون مبشِّرات بهطول المطر الذي يَهَبُ الحياة.
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
ظاهرة الريح والأمطار والأسرار الكامنة فيها :
أشارت الآية الاولى من البحث وكتعريفٍ بالذات الإلهيّة المقدّسة إلى مسألة هبوب الرياح وحركة الغيوم بواسطتها حيث يقول : (اللهُ الَّذى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيْرُ سَحَاباً).
ثمَّ تعرضت إلى بسط الغيوم في كبد السماء ، وتراكمها فوق بعضها ، وفي الختام أشارت إلى خروج قطرات الأمطار من وسطها ، فيقول : (فَيَبْسُطُهُ فِى السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ ويَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرىَ الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ).
و «الكِسَفْ» : على وزن «قِمَم» تعني هنا تراكم قطعِ الغيوم حيث تستعد لنزول المطر ، و «الودق» (على وزن خَلْقْ) تُطلقُ على الرذاذ الذي يشبه الماء ، وفسَّرها البعض بأنّها قطرات المطر.
وفي نهاية الآية أُشير إلى استبشار عباد الله أثر نزول المطر فيقول : (فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَستَبْشِرُونَ).
وعليه فانَّ الرياح لا تُحرِّكُ الغيومَ فقط ، بل تبسطها في السماء ثم تضعها على بعضها وتقوم بتبريد أطراف الغيوم وإعدادها لإنزال المطر.
__________________
(١) «بُشْر» اسم مصدر وتأتي بمعنى اسم فاعل (مُبَشِّر) أيضاً.