عبارة «فسقناه» ، وعليه فانَّ الرياح لها أثرٌ مهمٌ في حصول الغيوم ، وكذلك في تحريكها نحو المناطق الجافة ، ورفعها إلى اعالي الجو وتهيئة الظروف لهطول الأمطار.
وذِكْرُ هذه العبارة بصيغة الفعل المضارع «تثير» إشارة إلى عمل السُحبِ الدائم والمستمر أيضاً.
على أيّة حال فانَّ هذه المسألة تُعتبر برهاناً على علم وقدرة الخالق جلَّ وعلا وكذلك دليلٌ على قدرته في المعاد ، ولهذا تمت الإشارة إلى مسألة المعاد في ختام بعض هذه الآيات.
* * *
واستند في الآية الخامسة من بحثنا إلى خلقِ سبعةِ أشياءٍ مختلفةٍ كآياتٍ ودلائل على علم وقدرة الله تعالى ليستفيد منها المفكرون والعقلاء وهي : خلق السماء ، والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، والفُلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ، والأمطار ، وهبوب الرياح واختلافها ، والسحب المعلقة بين الأرض والسماء.
واستند في هذه الآية على مسألة الحركات المختلفة للرياح : (وَتَصْرِيْفِ الرِّياحِ) ، وكذلك الغيوم المعلقة بين الأرض والسماء : (وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّر بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) ، السحبُ التي تحمل ماء البحار في أوساطها ، وهي في ذات الوقت معلقة بين الأرض والسماء ، فهي تمثل في الواقع أعظم آيات الله ، «فتحيي الأرضَ بنزول المطر وتبّثُ أنواعاً مختلفةً من الدّواب على وجه الأرض» : (فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيْهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ).
وعندما نشاهد أنّ الرياح والغيوم قد ذكرت في هذه الآية بعد نزول الأمطار فلعلّها من أجل الإشارة إلى هذه النقطة ، وهي أنّ فائدة الرياح لا تنحصر بتحريك الغيوم وانزال المطر فحسب ، بل لها فوائد جمّة اخرى تمّت الإشارة إليها سابقاً ، وسيشار إليها في نهاية الموضوع أيضاً.