ولكن يجب الانتباه إلى أنّ «شكر المنعم» هو قرار عاطفي قبل أن يكون قراراً عقلياً.
نختم هذه الإشارة ببيت شعر لأبي الفتوح البستي الشاعر العربي المعروف :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم |
|
فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ |
بعد هذه الإشارة ننتقل إلى القرآن ونتأمل خاشعين في الآيات أدناه :
١ ـ (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَاتَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). (النحل / ٧٨)
٢ ـ (وَهُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). (النحل / ١٤)
٣ ـ (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). (النحل / ١١٤)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
شكر المنعم سلّم إلى معرفة الله :
تتحدث الآية الأولى عن أهميّة النعم الإلهيّة لتحرك في الناس روح الشكر وتدعوهم عن هذا الطريق إلى معرفة «المنعم» ، إنَّ الحديث عن النعمة وسيلة للمعرفة ، فقد تحدث القرآن عن «العين» و «الأذن» و «العقل» بقوله : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ).
فعن طريق السمع تتعرفون على العلوم النقلية وعلوم الآخرين.
وعن طريق البصر ومشاهدة أسرار الطبيعة وعجائب الخلقة تتعرفون على العلوم التجريبية ، وعن طريق العقل تتعرفون على العلوم العقلية والتحاليل المنطقية.
ومع أنّ هذه المواضيع الثلاثة معطوفة على بعضها في هذه الآية بالواو ولا تعني بالضرورة الترتيب ، إلّاأنّه ليس من المستبعد أن يكون هذا هو الترتيب الطبيعي لها ، لأنّ