معلوماً ما حجم المنافع التي سينالُها الإنسان في المستقبل ، وهنا نقف على عظمة هذا التعبير القرآني : (وَسَخَّرَ لَكُمُ البَحْرَ) (١).
* * *
٢ ـ البحر عالم العجائب
لو فكرنا جيداً فانَّ جميع الموجودات في العالم تبعث على الدهشةِ ، ولكن لا يشبهُ أيٌ منها الاحياءَ التي في أعماق البحار ، وقد ذكر بعض العلماء أنّ عدد أنواع الاحياء البحرية التي تمت معرفتها مائة وأربعون الف نوعٍ ، علماً أنّ عدد هذه الأنواع كثيرٌ للغاية على سطح المحيطات ، ولكن كلَّما نفذنا في الأعماق فانّها تقلُّ ، أو على الأقل تقلُّ معلوماتنا عنها.
والمسألة المهّمة التي تخص البحار هي أنّ التصوُرَ كان ينصبُ على عدم وجود أيِّ كائن حيٍّ في أعماق البحار ، لأنَّ أشعة الشمس تنفذ إلى عمق (٦٠٠) متر في الماء فقط ، وتختفي نهاية الأشعة في مثل هذا العمق ، فيغُطُ كلُّ شيءٍ في «ظلام دامس».
بالاضافة إلى أنّ ماءَ البحر يكون بارداً جدّاً في هذه المنطقة ، والأهمُ من ذلك الضغطُ الذي يولده الماء على موجودات تلك المنطقة ، لأنَّ ضغط الماء في عمق كيلو مترٍ واحد يكون في نحو من مائة كيلو غرام لكل سنتمتر مربعٍ واحدٍ ، ومن المسلمِ به لو كان الإنسان هناك مجرّداً من ملابس الوقايةٍ لتحطمت وسُحقت عظامُهُ (٢) ، ولهذا لا يمكن النزول في البحار بعمق عشرة أمتار فأكثر بدون ملابس واقيةٍ ، ولابدَّ من استخدام الواقيات الفولاذية السميكة أثناءَ الغوص في الاعماق ، وإلّا لدَمَّر ضغطُ البحر كلَّ شيء ، ولا يمكن الذهاب بكل وسيلة إلى الأعماق في بعض المراحل بسبب عدم وجود شيءٍ يقاوم الضغط.
__________________
(١) تُراجع كتب : البحر دار العجائب ؛ وأسرار البحر ؛ وعجائب البحر ؛ ونشرة الميناء والبحر ؛ رسالة الثقافة ، ج ١٢ ؛ وأفضل الطرق لمعرفة الله.
(٢) إنَّ الغواصين يغوصون إلى عمق ٣٠ متراً فقط بدون ملابس الغوص وإلى عمق ١٥٠ متراً بملابس الغوص ، في حين أنّ ضغط الماء يبلغ ٧ أطنان لكل انج مربعٍ في أعمق نقاط البحر (البحر دار العجائب ، ص ٨٩).