الشمس) ، فيغطي وجه الأرض وهو افضل الظلال والساعات.
واعتبره البعض بمعنى الظلال التي تحصل أثناء النهار بسبب اصطدام ضوء الشمس بالجبال والأشجار وبقية الاجسام ، ثم ينتقل تدريجياً.
من هنا حيث لا تتعارض هذه التفاسير الثلاثة ، وبما أنّ تعبير الآية مُطلق وجامع ، فيمكن أن يكون إشارة إليها كلها إذ إنَّ كلاً منها نعمةٌ ثمينة.
إننا نعلمُ أنّ اللَّيلَ في الواقع هو ظل نصف الكرة الأرضية الذي يقع أَزاء الشمس ، الظلُّ المخروطي الشكل الذي يمتد في الفضاء في الجهة المقابلة ويتحرك باستمرار ، ولولا ظلُّ اللَّيل لاحترقت كافة الكائنات الحية بفعل ضوء الشمس والحرارة الناتجة عنه ، وهلكَ النسل البشري بسرعة.
وكذلك لولا وجود سائر أنواع الظلال ، ولو كان الإنسان مجبوراً على قضاء النَّهار تحت الشمس لوقَعَ في حَرَجٍ بالغٍ ، ولأصبحت الحياةُ شاقةً بالنسبة له لاسيما في فصل الصيف ، إنَّ اللهَ تعالى فتحَ الظل للإنسان كي ينالَ الراحة والاستقرار هو ومن يتعلق به.
وبتعبيرٍ آخر فانَّ بعض الأشياء خُلقت «معتمة» ، والبعض خُلق «شفافاً» بحيث يعبرُ النور من خلاله ، فلو كانت كل الأشياء شفافةً فلا وجود للظلِّ اطلاقاً وستتبدلُ حياة الإنسان مقابل ضوء الشمس المستمر إلى جهنم محرقة ، وإذا تفكَّرَ الإنسان قليلاً في هذا المجال فسيتعرف على عظمة وأهميّة هذه النعمة ويتمكن من خلال ذلك الوصول إلى الخالق الحكيم.
ولعلَّ التصريح بـ «النظام التدريجي للظِّل» في الآيةِ أعلاه إشارة إلى هذه الحقيقة وهي لوأنَّ الظِّلال تحصل أو تزول فجأة لأدّت إلى اضرار جسيمة ، إذ لا يخفى على أحد الاضرار الناتجة عن الانتقال المفاجيء من النور إلى الظلام وبالعكس ، أو من الحر إلى البرد وبالعكس.
ولكنَ «الظِّل» بما له من بركاتٍ ولطفٍ ، مضرٌ أيضاً فيما إذا دام وخَلُدَ لأنَّه يحرم الإنسان من نعمة النور ، لهذا يقول في الآية أعلاه : (وَلَو شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً) ، (ولكنه للطفه وكرمه لم يفعل ذلك كي يَنَعُمَ العباد بنعمة النور والظِّل على السواء).