وليس من المستبعد الجمع بين هذه التفاسير لأنّ المخاطب حسب الظاهر هم جميع المؤمنين والكافرين ، بالرغم من أنّ الآيات السابقة واللاحقة تدل على أنّ الكلام موجه إلى المؤمنين أكثر ممّا هو موجه إلى الكفّار.
وعلى كل حال ، فالعلاقة بين «النعمة» و «الشكر» و «العبادة» ثم «معرفة المعبود» و «ولي النعمة» تتضح بجلاء من هذه الآية.
وبهذا نتوصل إلى الحافز الثاني لمعرفة الله وهو مسألة شكر المنعم.
* * *
شكر المنعم في الروايات الإسلامية :
١ ـ جاء في حديث عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام : «لو لم يتوعد الله على معصيته لكان يجب ألّا يُعصى شكراً لنعمه» (١).
إنّ التعبير ب «الواجب» في هذا الحديث هو في الحقيقة نفس تلك الوظيفة التي تنبع من عواطف الإنسان.
٢ ـ نقرأ في حديث آخر عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآله عند عائشه ليلتها ، فقالت : يا رسول الله لمّ تتعب نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ (٢) فقال : يا عائشه ألا أكون عبداً شكوراً) (٣).
٣ ـ يقول الإمام الرابع علي بن الحسين عليهماالسلام في أحد أدعية الصحيفة السجادية : «والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفةَ حمده على ما أبلاهم من مننهِ المتتابعة وأسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة لتصرّفوا في مننه فلم يحمدوه وتوسعوا في رزقِه فلم يشكروه ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الإنسانية إلى حد البهيميّة فكانوا كما وصف في محكم
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ٢٩٠.
(٢). إشارة إلى ذيل الآية الأولى من سورة الفتح من التفسير الامثل.
(٣) أصول الكافي ، ج ٢ ، باب الشكر ، ح ٦.