أو إلى أنّ المؤمنين يسجدون رغبةً وطوعاً ، وغيرُ المؤمنين الذين ليس لديهم الاستعداد للسجود طوعاً فإنّ جميعَ ذرات وجودهم مسلِّمة لله تعالى بحكم قوانين الخلق الاجبارية ، وقد جبلوا على السجود التكويني أمام ذاته المقّدسة.
أو أنّ المؤمنين يُمَرِّغون جباهَهُمْ بالتراب أزاءه في كل الأحوال (في الراحة وعند حلول المشكلات ، مطمئنين كانوا أم مضطربين) ، إلّاأنّ الكافرين لا يتوجهون نحوه إلّاحينما تباغتهم المشاكل.
وممّا لا شك فيه أنّه ليس هنالك تعارضٌ بين هذه التفاسير الثلاثة ، ويمكنُ جمعُها في مفهومٍ واحدٍ.
والتعبير ب «مَنْ» في الآية أعلاه مع أنّه يختص باصحاب العقول حسب الظاهر ، إلّاأنَّ من المحتمل أن يكون له مفهومٌ عامٌّ فيشمل كافة الموجودات العاقلة وغير العاقلة ، فيصبح التعبير بـ «مَنْ» من باب التغليب.
وأمّا تعبير «الغدو» و «الآصال» (الصباح والمساء) فلعلّه كان بسبب إمكانية زوال الظلال وسط النهار ، أو كونها ضئيلة جدّاً ومحدودة ، في حين أنّها ليست كذلك في الصباح والمساء ، وفضلاً عن ذلك ، فإنّ هذا التعبير جاء في الكثير من الحالات لبيان الديمومة والتعميم ، فمثلاً تقول : إنّ الشخص الفلاني يدرس صباحاً ومساءً ، أو إنّه يؤذي شخصاً آخر ، أي إنّه كذلك على الدوام.
يُستفاد من مجموع هذه الآيات أنَّ القرآن الكريم يولي اهتماماً خاصاً حتى للظلال ، ويعتبرها من آيات عظمة الله ، والتعبير بـ «السجود» الذي هو غايةُ الخضوع إشارةٌ إلى هذا المعنى.
* * *
توضيح
لو لم تكن هناك الظلال ...؟!
من أجل ادراك أهميةِ أيّ موجودٍ لابدّ من احتمالِ زواله تماماً في لحظةٍ أو يومٍ أو شهرٍ