وفي الآية السابعة يتطرق إلى شرح أدلةِ التوحيد ومعرفة الله بقرينة بدايتها ونهايتها ، فيقول : (هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُمْ مِنهُ شُرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ).
فليس كلُ ماءِ صالحٌ لشرب الإنسان ، ولاكلُّ ماءٍ صالحٌ لنمو النبات والشَجَر ، إلّاأنّ هذا الماء السماوي مفيدٌ للكل وأساسٌ لحياةِ كل شيء.
«شَجَر» : كما قلنا له معنىً شامل في اللغة ، حيث يشمل أنواع النباتات سواء كانت ذات سيقان أم لا ، و (تُسيمون) من «اسامة» وهي من مادة «سَوْم» وتعني رعي الحيوانات (١) ، وحيث إنّ الحيوانات تتناول كلاً من الأعشاب وأوراق الأشجار عند رعيها فالتعبير بـ «شجر» يبدو مناسباً جدّاً لاشتماله على كليهما.
ثم يضيف : (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ والزَّيتُونَ وَالنَّخِيْلَ وَالأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الَّثمَراتِ).
واللطيف أنَّ الآية أعلاه مع انَّها تتحدث عن كافة الِّثمار وجميع أنواع المحاصيل الزارعية بما فيها الحبوب ، فهي تستند خاصة إلى ثلاثة ثمار هي : الزيتون ، والتمر ، والعنب. وهذا يعود للأهمية الفائقة لهذه الثمار من حيث المواد الغذائية ، وأنواع الفيتامينات والميزات الدوائية التي تمت معرفتها مع تطور العلوم الغذائية في هذا العصر (٢).
لهذا يعود ويؤكّد في نهاية الآية بانَّ في هذه الامور برهاناً واضحاً عن حكمة وقدرة وعظمة الله لُاولئك الذين يتفكرون : (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِّقِوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
والذين لا يتفكرون في هذه الآيات الجليّة لا يستحقون أن تُطلق عليهم كلمة الإنسانية ، كما يقول الشاعر نقلاً عن الفارسية :
عجبٌ لهذا الرسم على بابِ وجدار الوجود |
|
فكلما فعَل فكركَ كانَ رسماً على الحائط |
__________________
(١) وطبعاً أنَّ المعنى اللغوي ل «السَوْم» هو وضع العلامة ، وبما أنَّ الحيوانات حين العلف تترك أثراً على الأرض اطلق عليه هذا الاصطلاح.
(٢) طالعوا شرح هذا الكلام في التفسير الأمثل ، ذيل الآيه ١١ من سورة النمل.