فبعضها يستفيد من الثمار ، وبعضها من الحبوب ، ومجموعةٌ من أوراق الأشجار ، وطائفةٌ من السيقان ، وآخر من القشور ، والبعض من رحيق الأزهار ، وقسمٌ آخر يأكل الجذرَ فقط.
* * *
وفي الآية العاشرة والاخيرة من البحث اشيرَ إلى ميزةٍ اخرى لعالم النباتات ، وهي مسألة انفلاق حبوب ونوى النباتات تحت الأرض.
وقد وُصِفَ الباري تعالى في هذه الآية كما يلي : (إِنَّ الله فَالِقُ الْحَبِّ والنَّوى) ، ويقول في نهاية الآية : (ذَلِكُمُ اللهُ فَأَنّى تُؤفَكُونَ).
«فالق» : من مادة (فَلْق) ، وكما يقول الراغب في المفردات فهي تعني انفطار الشيء ، وانفصال جزءٍ عن جزءٍ آخر (١) ، و «الحبّ» تعني حبوب الطعام والغذاء أو كل أشكال الحبوب النباتية ، و «النوى» تعني نوى الثمار ، وإذا حَصَرها البعض بمعنى نوى التمر فذلك بسبب تكاثره في ذلك المحيط.
على أيّةِ حالٍ ، فانَّ أهم والطف مراحل حياة النباتات هي مرحلة انفلاق الحبِّ والنوى ، وفي الحقيقة فانَّ هذه الحالة تشبه حالة ولادة الطفل ، والعجيب أنَّ هذا البرعم النباتي بما فيه من رقّةٍ وظرافةِ يشقُ هذا الجدار القوي الذي يحيط به ، ويخرج إلى العالم الخارجي ، فيولد هذا الكائن الحي الذي كان محبوساً إلى ما قبل لحظات في القشرة والنوى ، ولم تكن له علاقة بالعالم الخارجي ، ويقيم علاقاته مع الخارج فوراً ، فيتغذى من المواد الغذائية الموجودة في الأرض ، ويرتوي من الماء والرطوبة التي تحيط به ، ويبدأ بالحركة بسرعة في اتجاهين متعاكسين فمن جهةٍ ينفذ في الأرض على هيئةِ جذرٍ ، ومن جهة اخرى يستقيم فوق الأرض على هيئةِ ساقٍ.
فالقوانين الدقيقة التي تسود هذه المرحلة من حياة النبات مدهشةٌ حقاً ، وتعتبر دليلاً
__________________
(١) قد يستعمل هذا اللفظ بمعنى «الخلقة» كأنَّ حجبُ ظلمة العدم تتمزق وينكشف نور الوجود عنها (تفسير روح المعاني ، ج ٧ ، ص ١٩٦) ، ولنفس هذا الشيء يسمى بياض الصبح «فلق» على وزن «شَفَق» أيضاً.