يدفعه إلى داخل الأغصان بعد التغييرات التي يُحدثها فيه ، ومنها إلى الثمار ، وتجري عليها تفاعلات كيميائية جديدة في كلِّ مرحلةٍ ، كي يصنع من التراب فاكهةً طيبةً كالعسل ، أو يصنَع دواءً شافياً وصحياً.
ومن أهم واجبات الجذر امتصاص ـ النتروجين المذاب ـ الضروري لبناء النبات الذي لا تتمكن بقية أجزاء النبات من جذبه.
وبناء الأوراق أكثر عجباً منه ، فلو وضعنا ورقةً أمام أشعة الشمس ستلفت نظرنا الفروعُ الدقيقة جدّاً الممتدة فيها والتي يكون واجبها ايصال الماء والغذاء إلى كافة خلايا الورقة. وفي الواقع أنَّ كلَّ ورقةٍ تعتبر بحد ذاتها مدينةً كاملةً ، وهذه الفروع هي الأنابيب المنّظمة لهذه المدينة ابتداءً من الانبوب الرئيسي ، وحتى أصغر التفرعات.
والورقة مع رقتها لها سبع طبقات ، وكلُّ طبقةٍ لها بناءٌ وبرنامجٌ خاص يَبعث على الدهشة ، والغلاف الذي يغطي الورقة كجلد الإنسان ذو مساماتٍ دقيقة جدّاً ، وكل من هذه المسامات لها خلايا للصيانة تقوم بتنظيم انفتاح وانغلاق المسامات.
وتتنفس الورقة من خلال هذه المسامات ، فتستنشق الهواء وتفصل عنه غاز ثاني اوكسيد الكاربون ، لتصنع به «الكلوروفيل» النباتي ، وفي المقابل تطرح الاوكسجين وكميةً من الرطوبة لتلطيف وتطهير الجو كموهبتين عظيمتين لدنيا الإنسانية.
والأرقام التي يقدمها العلماء هنا تبعث على الحيرةِ إذ يقولون : من أجل أن يتمكنَ النبات من صناعة رطل واحد من السُكَّر يجب أن تستنشقَ الأوراقُ ما يعادل ثلاثمائة الف لتر من الهواء وتحلّله.
وبناء الأزهار ومن ثمَّ الثمار أعجبُ من ذلك أيضاً ، فهناك الأقسام الذكرية والانثوية ، وتفاعل الذّرات الذكرية الدقيقة جدّاً مع الأجزاء الانثوية ، ثم تكوين البويضة في رحم النبات بعد هذا الزواج الصامت ، وكيفية نموه ، أنّه عالمٌ عجيبٌ يسلب معه روحَ وعقلَ الإنسان ، ويجعله غارقاً في محيطٍ من العجائب.
إنَّ تفصيل بناء هيكل النباتات والأزهار والثمار لا يفي بالغرض المطلوب في هذا