(وَالنَّخلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيْدٌ) (١) (رِزْقاً لِلْعِبادِ).
وفي الواقع فقد استند في هذه الأية إلى الثمار والمحاصيل الغذائية لأنّها تمثلُ أهمَ وأَصلح جانبٍ من المواد الغذائية للناس ، واستند إلى التمر بالخصوص من بين الثمار ، بسبب أهميّته الغذائية الفائقة ، حيث بحثناه بالتفصيل في محلِّه (٢).
والجدير بالذكر : إنَّ بعض المفسِّرين يعتقد أنَّ استناد القرآن إلى هذه الأنواع الثلاثة من الأرزاق جاء بسبب خصائص كلٍّ منها على حدة ، لأنَّ بعض النباتات يُثمرُ سنوياً ، دون الحاجة إلى بذر البذور ، كانواع أشجار الفاكهة ، وبعضها يحتاج إلى بذر البذور سنوياً كالحنطة والشعير والرز والذرة وبعضها وسطاً بينهما كالنخيل الذي يكون أصلهُ ثابتاً إلّاأنّه يحتاج في كلِّ عامٍ إلى «التلقيح» ، بالنحو الذي يرفعون طلع الذكر وينثرونه على ثمار النخلةِ كي تحمل بشكلٍ كامل ، ومن الممكن أن تلقح بطريقة اخرى (عن طريق الرياح والحشرات) إلّا أنّها لن تكون غزيرة الثمار.
وهذه النكتة جديرة بالاهتمام أيضاً حيث إنّ في تعبير «رزقاً للعباد» ، (٣) إشارة لطيفة إلى هذه الحقيقة وهي وجوب استثمار النعم الإلهيّة لسلوك طريق عبوديةِ اللهِ ، وهذه الموجودات مذعنةٌ ومطيعةٌ للإنسان كي ينال الرزق ولا يأكلُه غافلاً عن الله ، كما قال الحكماء :
أنت تعيش لتأكل وأنا آكل لأعيش وأذكر الله.
* * *
وفي الآية العاشرة وآخر الآيات في بحثنا استند إلى الأنواع المتباينة من الاطعمة التي
__________________
(١) «حصيد» تعني المحصود (أو الجاهز للحصاد) ، و «باسقات» جمع «باسقة» وتعني الطويلة و «طلع» تعني ثمرة النخيل في بداية تكوينها ، و «نضيد» تعني المتراكم والكثيف الذي يبعث على التعجب لا سيما في ثمار النخيل أي التمر.
(٢) يُراجع التفسير الأمثل ، ذيل الآية ٢٥ من سورة مريم.
(٣) إنَّ نصبَ «رزقاً» جاء لكونه «مفعولاً لاجله» ، ويُستبعدُ احتمال كونه «مفعولاً مطلقاً» أو «حالاً».