لهذا تُعتبر الرغبةُ في نوعٍ من الطعام بالنسبة للاصحاء من الناس دليلاً على حاجة الجسم إلى ذلك الغذاء على نحو الخصوص ، ويجب على مثل هؤلاء الأشخاص كذلك النزول عند هذه الرغبات الداخلية ؛ يقول العالم الروسي المعروف «باولف» : «إنَّ الغذاءَ الطبيعي والمفيد ، هو الغذاء الذي يؤكل بشهيَّةٍ وتلذذ».
ولهذا أيضاً لا معنى للالتزامِ بنظامٍ خاصٍ في الامتناع عن الأطعمة التي يرغب الإنسان بتناولها لأنّ تلك الرغبة تعتبر بحد ذاتها أفضل دليلٍ على حاجةِ الجسمِ لها.
ما هذه التركيبات المحبوكة التي تحددُ بنفسها نوع حاجتها ، ووقودها ، وصنعها؟ وبمجرد أن يحصلَ نقصٌ توقظ شعورَ الإنسان وتدفعهُ نحو ذلك؟ هل يمكن حمل مثل هذه الامور على سبيل الصدفة؟ وهل هنالك إمكانية لوجود مثل هذا البرنامج المنظّم لولا وجود عقلٍ وتدبيرٍ واسعٍ؟
* * *
٢ ـ هل أنَّ الرزقَ مقسومٌ؟
وردت هذه النكتة في بعض الآيات أعلاه وهي أنَّ رزقَ كلِّ دابةٍ على الله ، وقد تكفَّلَ الله به : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِى الأَرْضِ الَّا عَلى اللهِ رِزْقُهَا ...). (هود / ٦)
وورد في بعضٍ آخر أنّ سعة الرزق وضيقة مشيئة الهية. (الروم / ٣٧ وآيات اخرى). واشير إلى هذا المعنى في الروايات أيضاً ، فيقول امير المؤمنين عليهالسلام : (وَقَدَّر الأرزاقَ فكثَّرها وقلَّلها وقسَّمها على الضَّيق والسَّعة) (١).
وفي حديث آخر عنه عليهالسلام نقرأ في حثِّه على طلب العلم إذ يقول :
إنَّ طلبَ العلمِ أوجَبُ عليكم من طلبِ المال ، إنَّ المالَ مقسومٌ مضمونٌ لكم قد قسَّمَهُ عادلٌ بينكم وضَمِنَه وَسَيَفي لكم والعلمُ مخزونٌ عند أهلهِ قد امرتُم بطلبهِ (٢).
__________________
(١) نهج البلاغة خطبة ٩١.
(٢) معالم الدين ، ص ٩.