جمع الآيات وتفسيرها
الطيرُ يُسبّحُ وأنا صامت!
أكدت الآية الاولى على أن تحليق الطيور في جو السَّماءِ خلافاً للجاذبية الأرضية هو آيةٌ من آيات الله : (أَلمْ يَرَوْا الَى الطَّيرِ مُسَخَّراتٍ فى جَوِّ السَّماءِ) (١).
ونظراً لطبيعة الأجسام في الانجذاب نحو الأرض فانَّ حركة الطيور في أعالي الجو تبدو شيئاً عجيباً ، ويجب أنْ تُؤخذ مأخذ جدّ ، فمن المسَّلم به أنَّ هناك مجموعة من المزايا لدى الطيور تمكنها من الطيران بيُسرٍ في السماء مستثمرة مختلف القوانين الطبيعية المعقّدة ، إنّه لشيء يبعث على الدهشة بلا شك.
إنّ لهذا الميدان العجيب والقوانين التي تسبب هذه الظاهرة المدهشة ربّاً قادراً حكيماً مطلعاً على أسرار العلوم ، بل ليست العلوم إلّاشيئاً من القوانين التي وضعها ، لهذا يقول في سياق الآية : (مَا يُمْسِكُهنَّ الَّا اللهُ).
ويضيف في ختام الآية : (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآياتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
وسنرى في الايضاحات التي ستأتي في نهاية هذه الآيات ـ إن شاء الله ـ ما هي القوانين التي يجب أنْ تتظافر كي تحصل هذه الظاهره التي تُدعى «الطيران» ، لذلك نواجه في كلِّ خطوةٍ آيةً جديدةً من آيات مُبديء الوجود العظيم.
* * *
والآية الثانية تتشابه مع الاولى من عدة وجوه ، إلّاأنَّه يُلاحظُ فيما بينهما اختلافاتٌ أيضاً ، ففي هذه الآية يدعو الناس «لا سيما المشركين» إلى تفحّص اوضاع الطيور ، هذه الموجودات التي تنطلق من الأرض خلافاً لقانون الجاذبية الأرضية ، وتتحرك مسرعةً بكل
__________________
(١) لقد اتخذ بعضهم لفظ «جَوّ» بمعنى الفضاء الذي يحيط بالأرض ، وبعضٌ بمعنى «الهواء» قريباً كان أم بعيداً عن الأرض ، ولكن يبدو أنّ ما يستعمل عادةً هو المعنى الأول ، وهو الذي يناسب الآية أعلاه حيث يمكن أن يكون مصدراً للاعجاب.