من الطائرات تقليداً لمختلف الطيور.
فهل يُمكن أن تكون الاسس الضرورية المذكورة في الطيران وليدة للطبيعة العمياء والصّماء؟ أوَليسَ جملةُ : (مَا يُمسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ) إشارة دقيقة وجميلة إلى جميع تلك الاسس؟ لا سيما وأنّ المعنى يتم بعد جملة : (إِنَّهُ بِكُلِّ شَىءٍ بَصيرٌ).
* * *
٢ ـ «عجائب الطيور» و «الطيور العجيبة»
للطيور أنواع مختلفة وعجيبة ، وبعضها أكثرُ عجباً ، إذ يقول بعض العلماء : شوهد ٢٨٩ نوعاً من الحمام و ٢٠٩ نوع من الحجل و ١٠٠ ألف نوع من الفراشة لحد الآن (١).
ويمكن ذكر «الخفاش» مثلاً من بين الطيور العجيبة ، فهو يضجر من ضوء الشمس على عكس سائر الطيور ، ويطير في ظلام الليل بكل شجاعةٍ وجرأةٍ وبأيّ اتجاه شاء ، وجسمه خالٍ من الريشِ تماماً واجنحتُه متشكلة من جلد رقيق ، وهو لبونٌ ولودٌ ، فيحيضُ ، ويأكل اللحم ، ويقالُ إنَّ الطيور تنصبُ له العداء ، كما أنّه يعاديها أيضاً! لهذا فهو يقضي حياته منعزلاً.
وحركته السريعة والجريئة في ظلمة الليل من دون أن يصطدمَ بمانعٍ تبعث على الحيرةِ ، فهو يَمر من خلال انحناءاتٍ والتواءاتٍ كثيرة بدون أن يضِّل طريقه ، ويوفر طعامه بدقّة أينما كان مختفياً ومن دون خطأٍ ، لامتلاكه لجهازٍ خفي يشبه «الرادار».
فهو يرى بأذنه «أَجَلْ بأذنه!» لأنَّ الأمواجَ الخاصَّة التي يصدرها من حنجرته ويرسلها إلى الخارج عبر أنفهِ ترتطمُ بكل ما يصادفها وتعود ، وهو يلتقط الأمواج المنعكسة بأذنه ، ويتحسسُ الوضعَ في جميع الجهات فيتجنب العقبات.
إنَّ بناءَ حنجرته وانفهِ وأذنهِ عجيبٌ ، دقيقٌ لا يوجد له مثيل في أيٍّ من اللبائن.
والأمواج التي يرسلها إلى الخارج هي أمواج ما وراء الصوت ، التي لا نستطيع سماعها ، وفي كلِّ ثانيةٍ يرسل ٣٠ ـ ٦٠ مرّة إلى كل الاتجاهات المحيطة به ويستلم ردَّها.
__________________
(١) يراجع كتاب أسرار حياة الحيوانات ، ص ١٤٢ إلى ١٩٦.