جديدة واتّضح علم وقدرة خالق عالم الوجود أكثر.
ومن هنا فإننا نعتقد أنّ «الإيمان بوجود الله» و «الدين» يتقدم إلى الأمام بتقدم «العلوم» ، وكل اكتشاف جديد لأسرار ونظم هذا العالم إنّما هو خطوة جديدة لمعرفة الله بصورة أفضل ، فلم يكن بامكان السابقين أبداً أن يعرفوا الله بالشكل الذي نعرفه اليوم ، تطور العلوم لم يكن على ما هو عليه الآن.
* * *
٢ ـ نظرية الخوف
ذكر المؤرخ الغربي المعروف «وِل ديورانت» في تاريخه ضمن بحث بعنوان منابع الدين عن الحكيم الروماني «لوكروتيوس» بأنّ «الخوف هو الأم الأولى للآلهة ، ومن بين أنواع الخوف هو الخوف من الموت الذي يَحتل مكانة أهم بين بقيّة أنواع الخوف ... ولهذا لم يكن باستطاعة الإنسان البدائي أن يصدق بأنّ الموت ظاهرة طبيعية ولذا كان يتصور له سبباً ما ورائياً على الدوام» (١).
ويكرّر «راسل» نفس هذا الكلام بصياغة أخرى في قوله :
«أتصور أنّ مصدر الدين هو الخوف والرهبة قبل كل شيء ، الخوف من الكوارث الطبيعية ، الخوف من الحروب وما شاكل ، والخوف من الأعمال غير اللائقة التي يرتكبها الإنسان أثناء غلبة الشهوات عليه» (٢).
ويتّضح بطلان هذه الفرضية من حيث إنّ أتباعها كأنّهم قد تعاهدوا جميعهم بشكل ضمني على الاتفاق بأنّه ليس ثمة جذور ما ورائية للدين والاعتقاد بعبادة الله ، ولابدّ من البحث عن سبب له في الطبيعة ، سبب يعود إلى نوع من الظن والخيال ، ولهذا فهم دائماً يرون الأمور الفرعية وينسون المسألة الأصلية.
__________________
(١) قصة الحضارة ، ل «وِلْ ديورانت» ، ج ١ ، ص ٨٩.
(٢) العالم الذي أعرفه ، ص ٥٤.