صحيح أنّ الإيمان بالله يمنح الإنسان طمأنينة واقتداراً روحياً ، وصحيح أنّه يمده بالشجاعة قبال الموت والحوادث العصيبة ، إلى درجة أنّه في بعض الأحيان يكون مستعداً لكل ألوان التضحية والفداء ، لكن لماذا ننسى ما هو أمام أعين البشر دائماً أي النظام الذي يحكم الأرض والسماء والنباتات والأحياء ووجود الإنسان ذاته؟!
وبعبارة أخرى فإنّ الإنسان مهما كان جاهلاً بعلم التشريح والفسلجة وما شابه ، لكنّهُ حينما ينظر إلى بناء عينه وأذنه وقلبه ويده ورجله يراه بناءً عجيباً ودقيقاً ، وهذا لا يمكن تفسيره أبداً بعوامل اللاشعور والصدفة ، فنمو غصن من الزهور ، زنبور العسل ، بزوغ الشمس والقمر وسيرهما المنتظم وبقية الظواهر الاخرى لا يمكن تفسير كل هذه الظواهر بالصدفة واللاشعور.
هذا هو الشيء الذي كان موجوداً ولا يزال دائماً أمام أعين الإنسان وهو السبب الأصلي في ظهور الإيمان بوجود الله ، لماذا يتجاهلون هذه الحقائق البينة ويتشبثون بمسألة الخوف والجهل؟ لا شيء غير خوفهم من نمو العقائد الدينية؟ لماذا تركوا الطريق الأصلي النيّر وسلكوا الطريق المنحرف؟ والسبب هو أنّ الأحكام المسبقة حالت بينهم وبين معرفة الحقيقة؟!
٣ ـ نظرية العامل الاقتصادي
إنَّ أتباع هذه النظرية يعتقدون بأنّ القوة التي تحرك التاريخ هو شكل وسائل الانتاج ، ويعتبرون جميع الظواهر الاجتماعية سواء الثقافية منها أو العلمية أو الفلسفية أو السياسية وحتى الدين وليدة هذا العامل!
ولأصحاب هذا الرأي تبريرات عجيبة من أجل الربط بين ظهور الأديان والمسائل الاقتصادية ، منها قولهم : إنّ الطبقة الحاكمة في المجتمعات البشرية قد أوجدت الدين من أجل القضاء على مقاومة الشعوب المستعمَرة وتخديرها ، ويلفتون الأنظار إلى عبارة «لينين» المعروفة التي أوردها في كتابه «الاشتراكية والدين» والتي يقول فيها : «الدين أفيون الشعوب»!