٤ ـ خدماتٌ اخرى للنحل أَثمنْ من العسل!
إنَّ حياة النحل مليئةٌ بالعجائب والاحداث ، وما تحدثنا عنه لحد الآن كان جانباً منها ، فقصة بناء الشمع ـ تلك المادة التي يُشيد منها بيت النحل بشكلٍ كامل ـ بحد ذاتها قصةٌ مفصَّلة ، والعجيب أنّها لا تستثمر هذا الشمع لبناء البيت فقط ، فقد تقوم بتحنيط اجساد الحشرات المؤذية التي لا تستطيع دفعها إلى الخارج كي تأمنَ شرَّها!.
يقول أحد خبراء النحل : أنّه لفت انتباهه في أحد الأيّام وجود كرة كبيرة نسبياً داخل خلية نحل ، وعندما فتحها وجد فيها جثة جرادةٍ حنَّطها النحل.
وقال بعضهم عن الشمع ، أنّه روح العسل والعسل روح الزهر وهو خفيف ، بحيث إنّ وزن خمسمائة بيت من مدينة النحل لا يتجاوز بضعة غرامات ، ولا شكَّ في صعوبة معرفتنا بكيفية ترشح هذا الشمع بالنسبة للنحل ، غير أننا نعرف جيداً أنَّ للشمع استعمالاً هاماً.
وعملية تلقيح وحمل الأزهار ، من أهم أعمال النحل.
يقول أحد العلماء : «لولا وجود الحشرات ، لخلت سلالُنا من الفاكهة ، لأنَّ الحشرات التي تستفيد من الأزهار يمكن أن تلقحها افضلَ من بقية عوامل نقل حبوب اللقاح ، فعندما تمدُ احدى الحشرات التي تعشقُ الأزهار خرطومَها في الزهرة ، فهي إمّا أنْ تُدخلَ اغلبَهُ ، أو أنْ تُدخلَ جزءاً من جسمها في الزهرة كما يحدث غالباً ، وفي خروجها يتغطى جسمُها بالغبار ذي اللون الأصفر وهو غبار الورد ، فتنقله مباشرة إلى زهرةٍ اخرى ـ وكما نعلم ـ أن غبار الأزهار عاملٌ مؤثرٌ فلا تتبدل البذور إلى حبوب ، ولا المبيض إلى ثمار بدونه.
وهذه النكتة جديرةٌ بالاهتمام من الناحية الفلسفية إذ إنَّ الحشرات التي تعشق الأزهار تميل إليها منذ بدء التكوين ... كلٌ منها بموازاة الاخرى ، ينمو ويتكامل ، وقد وصل الحال بها اليوم إلى عدم قدرتها على الحياة منفصلة عن بعضها ... ومن أهم الحشرات التي تعشقُ الأزهار ـ ولابدّ أنّكم تعرفونها ـ هي : الفراشة ، والنحل ، والزنبور الذهبي و ... لكن النحل أكثرُ استعداداً وتجهيزاً من بين هذه الحشرات لاخراج الغبار والرحيق من الأزهار» (١).
__________________
(١) نظرة على الطبيعة وأسرارها ، ص ١٢٦.