جمع الآيات وتفسيرها
ماذا يجري في عالم الحيوانات؟
بعد الإشارة في الآية الاولى والثانية إلى آيات اللهِ في خلق السماوات والأرض ، وكذلك خلق الإنسان أشار إلى خلق كافة الحيوانات الموجودة في السماوات والأرض ، قائلاً (ومِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيْهمَا مِنْ دابَّةٍ).
«بَثَّ» : تعني في الأصل تفريق الشيء كما يُفرّق الهواء الاتربة ، وهذا التعبير في الآية يعني تكوين وخلق وابراز الموجودات المختلفة ، ونشرها في مختلف المناطق.
على أيّة حال .. فإنَّ هذا التعبير يشملُ جميع البهائم والحيوانات والإنسان ، ابتداءً من الموجودات المجهرية التي تتحرك حركةً دقيقة وخفيَّةً وحتى الحيوانات العملاقة التي يبلغ طولها عشرات الامتار وقد تزن أكثر من مائة طن (١) ويضم كلَّ أنواع الطيور ومئات الآلاف من أنواع الحشرات المختلفة ، وآلاف الآلاف من أنواع الحيوانات الوحشية والأليفة والحيوانات المفترسة والزواحف والأسماك الصغيرة والكبيرة والموجودات الحيَّة في البحار.
ولو تأملنا قليلاً في سعة مفهوم «دابة» وشموله بالنسبة لجميع أنواع البهائم لتجسد أمامنا عالمٌ من العجائب والغرائب ومناظرُ من القدرة ، حيث يكفي كلٌ منها أنْ يُعرفَنا على علمِ وقدرة الخالق العظيم لهذا الخلق.
لقد دُوّنت الملايين من الكتب وبمختلف اللغات حول خصائص بناء وحياة أنواع الاحياء ، واعدّوا الكثير من الاشرطة المصورة في هذا المجال ، واصدروا مجلات مختلفة وبلغاتٍ متباينة بخصوص هذا الموضوع ، حيث تجعلُ مطالعتُها الإنسان يغرقُ في بحرٍ من
__________________
(١) يصل وزنُ بعض الحيتان إلى مائة وعشرين طناً ، وكما يقول صاحب كتاب «نظرة على الطبيعة وأسرارها» (البروفسور ليون برتن) فانَّ هذا الوزن يعادل وزن الفِ وخمسمائة رجلٍ ضخم الجثة! أو اربعة وعشرين فيلاً ضخما! وقد أجريت حساباتٍ على وزن أعضاء جسمها : فقلبه يزن ستمائة كيلو غرام ، والدم يزن ثمانية آلاف كيلو غرام ، والرئتان طناً واحداً ، والعضلات خمسين طناً ، والجلد والعظام والامعاء والاحشاء تزن ستين طناً ، (ص ٢٣٨).