يُعتبر إشارة لطيفة إلى هذه الحقيقة وهي أنَّ كلَّ يومٍ يمُرُّ من عمر الإنسان تنكشفُ له حقائق جديدة عن هذا العالم ، وتتجلى أسرارٌ خافية ، ففي كلِّ يومٍ يتوصل العلماء في مختبراتهم ومكتباتهم إلى اكتشافٍ حديث ، وتتضح آيات جديدة من آيات الله ، ومن المسلَّم به أنَّ هذه المسألة ستستمر حتى لو انقضت ملايين السنين من عمر الخليقةِ ، فكم هو عجيب عالَم الخلق الواسع ، وكم عظيم خالقُه؟
ومِنْ ثمَّ فاننا لا نعلمُ شيئاً عن مليارات السنين السابقة وما تلاها ، وليس لدينا أدنى اطلاع عن هذا الكتاب العتيق الذي فُقد فصلاه (الأول والأخير) وكلُ ما نعلمُه هو نزرٌ يسيرٌ يتعلقُ بجانبٍ من هذا العالم الواسع وفصل من هذا الكتاب الكبير : «العظمة لله الواحد القهار».
نستنتجُ من مجموع ما مضى من الآيات أنَّ كلَّ عضوٍ من اعضاء جسمِ الإنسان ، بل كلَّ جزءٍ منها ، يعتبرُ مرآةً واضحةً للحق تعالى ، وآيةً مستقلةً وجليةً من علم وقدرةِ وحكمة وتدبير خالق الكون.
* * *
توضيحان
١ ـ عجائب أعضاء الجسم
لو لم يكن في كلِّ الكَونِ موجودٌ سوى الإنسان ، ولم يكن في جميع كيان هذا الإنسان شىءٌ سوى عينٍ أو أُذُنٍ واحدة ، لصار ذلك سبباً لمعرفة الذات الإلهيّة المقدّسة وعلمهِ وقدرته ، لأنَّ بناءها دقيق ومعقّدٌ ومحبوكٌ بقدر لا يصدقُ أيُّ عقلٍ أنّها مِنْ صنعِ الصدفةِ أو الطبيعةِ العمياء والصمّاء ، بل نواجه في كلِّ مرحلةٍ من دراستها ، آيةً جديدةً من علم وقدرة ذلك الصانعِ الحكيم.
فمن بين مئات الخصائص ومن خلال الدقّة في حاسة البصر ، أي العين ، يكفينا ذكر المواضع الآتية كي نعرف الغرابة المذهلة في هذا العضو :