والنتيجة هي أنّ هناك مبدأ علم وقدرة عظيم وراء نظام عالم الخلقة (سواء أطلقنا عليه اسم الله أو وضعنا له إسما آخر) لأنّ التسمية لا تؤثر في مثل هذه البحوث.
العلاقة بين النظام والعلم :
قبل كل شيء يجب إثبات المقدمة الثانية المسماة بكبرى القياس ، ومن أجل هذا لابدّ من تعريف مختصر لـ «النظام».
يمكن القول : أن أي منظمة أو موجود يعمل وفق برنامج معين ويعطي نتائج معينة ، هو موجود منظم ، وعلى هذا الأساس فإنّ «الحساب» و «البرنامج» و «الهدف» تشكل العناصر الأصلية الثلاثة للنظام ، فمثلاً الساعة نموذج لـ «الموجود المنظم» ، ذلك أنّ أجزاءها مصنوعة وفق حساب دقيق ، ثم هنالك برنامج لتركيبها ، والهدف منها هو التشخيص الدقيق للوقت.
ولأجل التوصل إلى هذه العلاقة (علاقة النظام والعلم) يمكن الاستعانة بعدّة أدلة :
١ ـ الوجدان : مع أننا لم نر أبداً الكثير من العلماء الكبار والمخترعين والفنانين المهرة ، ولم يبق منهم سوى الآثار ، إلّاأنّنا حين ننظر إلى تلك الآثار والكتب والصناعات واللوحات النفيسة والأبنية البديعة ، نعترف بدون الحاجة إلى دليل بعقلهم وذوقهم وعلمهم ومهارتهم الصناعية والفنية.
٢ ـ من أجل إثبات هذه العلاقة يمكن ـ بالإضافة إلى الوجدان ـ الاستعانة بالدليل المنطقي ، فمن أجل أحداث بناية منظمة واظهارها إلى الوجود يجب أن يكون هناك اختيار في سبع مراحل على الأقل.
فلو تصورنا بناية عظيمة وجميلة ومحكمة ، وجب أن نمارس عملية الاختيار والانتخاب بشكل محسوب على عدة أصعدة «اولها» نوعية المواد المستخدمة ، و «ثانيها» مقدار وكميَّة المواد ، و «ثالثها» جودة المواد ، و «رابعها» الأشكال والأحجام المختلفة ، و «خامسها» إيجاد الانسجام بين الأجزاء ، و «سادسها» إيجاد التناسب بينها ، و «سابعها»