«المنيّ» : في الأصل من مادة «مَني» (على وزن سَعي) بمعنى التقدير والقياس ، وبما أنّ في ماء النطفة مقياس إنسان أو حيوانٍ ما ، فقد اطلقت هذه المفردة عليه ، ولهذا أيضاً يسمى الموت بـ «المنيّة» فهي الأجل المقدر للإنسان أو الحيوان.
وإطلاق مفردة «التمنّي» على الآمال جاء بسبب أنّ الإنسان يُصوِّر ويُحدِّد آماله في قلبه ، ولأنّ الكثير من الآمال لا تطابق الواقع تأتي مفردة «الأمنية» أحياناً بمعنى الكذب(١).
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
عالم الجنين الغامض :
كما اشرنا سابقاً فإنّ القرآن الكريم أكد مراراً على مسألة المراحل التكاملية لنمو الجنين في رحم الأم ، ودعا الناس كافة إلى مطالعتها بدقة ، واعتبرها إحدى الطرق للوصول إلى معرفة الله ، وكذلك إحدىَ طرق إثبات إمكانية المعاد.
إنّ الآيات الأولى المعنية بالبحث وبقرينة العبارة الأخيرة منها : (فَتَبَارَكَ اللهُ أحْسَنُ الْخَالِقْينَ) تشير إلى قضية التوحيد ، وبالرغم من أنّ الآيات اللاحقة من نفس سورة «المؤمنون» هذه تدلّ على أنّها تشير إلى قضية المعاد أيضاً وبهذا تكون هذه الآيات قد تعرضت إلى مسألة معرفة الله وتوحيده بالاضافة إلى معاد.
وقد تحدثت في البداية عن خلق الإنسان من (سُلالَةٍ مِّنْ طِيْنٍ) ثم من (نُطْفَةٍ فِى قَرارٍ مَكِيْنٍ) ، وبعد ذكر هاتين المرحلتين تنتقل إلى ذكر خمس مراحل أخرى :
١ ـ مرحلة «العلقة» حيث تتبدل النطفة إلى دم متخثر في داخله الكثير من العروق.
٢ ـ مرحلة «المضغة» حيث يصبح هذا الدم المتخثر على شكل قطعة من اللحم.
٣ ـ مرحلة» العظام» حيث تتبدل كل الخلايا اللحمية إلى خلايا عظمية.
٤ ـ يأتي دور مرحلة تغطية العظام باللحم حيث تغطي العضلات كل العظام : (كَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً).
__________________
(١) مفردات الراغب ، مجمع البحرين ، ولسان العرب.