٢ ـ في ظلمات ثلاث
والأغرب من ذلك حسب قول القرآن ، هو أنّ هذه الخِلَقِ التي يوجدها الله واحدة تلو الأخرى في ماء النطفة ليخرجها خلال فترة قصيرة على هيئة إنسان كامل يقوم بها عزوجل جميعاً في محل مظلم لا تصل إليه يَدُ أحد ، كما يقول القرآن : (يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُوْنِ امَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُم لَهُ الْمُلْكُ لَآإِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُوْنَ). (الزمر / ٦)
إنّ الظلمات الثلاث كما يرى الكثير من المفسرين وكما أشارت بعض الروايات هي :
ظلمة بطن الأم ، ثم ظلمة الرحم ، وبعد ذلك ظلمة «المشيمة» (الكيس الخاص الذى يحتوي الجنين) التي تكون على شكل ثلاث ستائر سميكة حول الجنين (١).
يحتاج الرسامون والنحاتون المهرة أن ينفذوا صورهم أمام النور والضياء الكامل ، لكن ذلك الخالق الكبير يرسم صورة على الماء في ذلك المنزل المظلم بحيث يفتن ويبهر الجميع ويجذبهم للمشاهدة.
٣ ـ مقر الأمن والامان
يقول القرآن بصراحة : إننا جعلنا نطفة الإنسان في مقر الأمن والأمان : (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِى قَرارٍ مَكْينٍ). (المؤمنون / ١٣)
والحقيقة إنّ أكثر نقاط الجسم صوناً هي تلك التي تستقر فيها النطفة والجنين بحيث تكون محمية من كل جانب ، فمن ناحية هنالك العمود الفقري والأضلاع ، ومن ناحية أخرى هنالك العظم القوي المسمى بالحوض ، ومن ناحية ثالثة الأغطية والعضلات المتعددة التي تحتويها البطن ، بالإضافة إلى أن أيدي الأم تتحول بشكل لا شعوري أثناء وقوع بعض الحوادث الخطيرة إلى درع مقابل البطن!
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ؛ تفسير الميزان ؛ التفسير الكبير وتفاسير أخرى (روى المرحوم الطبرسي في مجمع البيان نفس هذا المعنى ضمن حديث عن الإمام الباقر عليهالسلام).