أي كما أنّ طريق الحصول على الاوكسجين يتغير عند الولادة ، فإنّ طريق التغذية يتغير أيضاً وبشكل مفاجيء ، ويبدأ الفم والمعدة والأمعاء التي اكتملت في الفترة الجنينية ولكنها لم تكن تعمل ، فتبدأ بالعمل فجأة ، وهذه واحدة أخرى من العجائب المهمّة في خلقة الإنسان.
١٢ ـ بكاء الأطفال
غالباً ما يكثر الأطفال الرضّع من البكاء ، من الممكن أن يكون هذا البكاء دلالة على آلامهم ، فهم لا يمتلكون لساناً غير لسان البكاء للافصاح عن الألم ، أو أنّه بسبب الجوع والعطش ، أو بسبب الانزعاج إزاء ظروف الحياة الجديدة سواء كانت حراً أو برداً أو ضوءً شديداً أو ما شابه ، لكن من الممكن أن يبكي الأطفال بدون هذه الظروف أيضاً ، وهذا البكاء رمز حياتهم وبقائها.
فهم في ذلك الحين بحاجة شديدة إلى الرياضة والحركة والحال أن ليس بامكانهم الرياضة ، الرياضة الوحيدة القادرة على تحريك كل وجودهم بما فيه الأيدي والأرجل والقفص الصدري والبطن وإدارة الدم بسرعة في كل العروق لتغذية كافة الخلايا بصورة متواصلة ، هي «رياضة البكاء» التي تعتبر بالنسبة للطفل رياضة كاملة ، ومن هنا إذا لم يبكِ الوليد فيُحتمل أن يتعرض لأضرار جمّة أو تتعرض حياته كلها إلى الخطر.
وفضلاً عن هذا فإنّ هنالك رطوبة عالية في مخ الأطفال إذا بقيت هناك يمكن أن تؤدّي إلى أمراض وأوجاع شديدة ، أو تسبب العمى ، والبكاء يعمل على خروج الرطوبة الزائدة من أعينهم على شكل دموع ، فيضمن ذلك صحتهم.
يقول الإمام الصادق عليهالسلام في حديثه المعروف بـ «توحيد المفضل» بعد الإشارة إلى هذا الأمر : «أفليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك فهما دائبان ليسكتاه ويتوخّيان في الأُمور مرضاته لئلا يبكي ، وهما لا يعلمان أنَّ البكاء أصلح له وأجمل عاقبةً ...» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٦٥ و ٦٦.