إشارة إلى أنّ النشاط السمعي عند الوليد يبدأ أولاً ، وبعد فترة تكتسب الأعين قدرتها على الابصار ، بل إنّ البعض يعتقد وكما أسلفنا أنّ للأذن في عالم الجنين مقداراً من القابلية على السماع ، فهي تسمع أنغام قلب الأم وتعتاد عليها.
١٤ ـ غذاء الطفل مُعدٌّ قبل ولادته
لا يستطيع وليد الإنسان والكثير من الحيوانات في بداية ولادته أن يأكل الأطعمة الجافة والثقيلة ، ولهذا فقد هيّأت يد الخالق المقتدرة غذاءً خاصاً في ثدي الأم إسمه «اللبن» ، والحقيقة أن نفس دماء جسم الأم التي كان الطفل ينتفع منها في الفترة الجنينية تتحول إلى لبن ضمن عملية تغيّر واسعة وسريعة ، فتغذّيه حتى الفترة اللازمة.
يتغير شكل ثدي الأم بصورة تدريجية خلال فترة الحمل ، ويكبر شيئاً فشيئاً نتيجة الافرازات التي يقذف بها الحبل السري إلى دم الأم ليأمرها بالاستعداد الكامل ، وهكذا يُهيء الثدي نفسه لوظيفتِهِ المستقبلية الثقيلة.
إنّ الأنابيب الموجودة في الثدي والممتدة حتى قمة الثدي «الحلمة» ، تتشعب وتزداد وتفرز إفرازات بسيطة ، وعند ولادة الطفل تعلن عن استعدادها التام.
العجيب أن ترشح اللبن من خلايا الثدي ليس دائمياً وإلّا لخرج اللبن بصورة متواصلة إلى الخارج ، بل إنّه بمجرّد ملامسة شفتي الوليد لثدي الأم وبدئه بالامتصاص تتجه الحوافز العصبية عن طريق الأعصاب إلى النخاع ومن النخاع إلى الهايبوثالموس فتؤدّي إلى نوعين من الافراز ، يصب أحدهما في الأثداء عن طريق الدم فيضغط على الأنسجة المحيطة بأنابيب اللبن ليندفع اللبن باتجاه الحلمة ، وتتمّ كل هذه الأعمال خلال ٣٠ ثانية ، والأعجب أنّ اللبن لا يتحرك في ذلك الثدي الذي يرضع منهُ الطفل فقط ، بل ويحدث هذا في الثدي الآخر أيضاً فيكون مستعداً ، ولذا يُؤكد الأطباء على إرضاع الوليد من كلا الثديين.
اللبن غذاء كامل ، وخاصة لبن الأم الذي يعتبر غذاءً أكمل بالنسبة لوليدها ولا يستطيع شيء في العالم أن يحل محله.